AHDATH.INFO - محمد كريم كفال / صور : محمد العدلانيحتى من يملك خيالا خصبا، لم يكن يظن أن فضاء المعرض الدولي بالدارالبيضاء، سيتحول يوما ما بصفة مؤقتة إلى مستشفى ميداني، وبدل احتضان معارض للنشر والكتاب والتجهيزات وتكنولوجيا المعلوميات.. إلخ، ستضج جنباته بيوميات جيش أبيض يخوض حرب كورونا بلا أسلحة.هكذا في غفلة من خيال الجميع، تمت الاستعاضة عن أركان وأجنحة المعرض والسلع وضجيج آلاف الزوار، بغرف معزولة تسكنها آهات أجساد منهكة ومعدات طبية، تختلط فيها أصوات لاهجة بطلب الشفاء من رب الأرض والسماء.هذا هو حال المعرض الدولي للبيضاء في صيف 2020، بعدما تقرر تحويله إلى مستشفى ميداني مؤقت مخصص لمرضى "كوفيد 19"، وذلك في إطار تقوية الجهود الاستباقية و الاحترازية لمواجهة جانحة فيروس كورونا المستجد.مرحبا بكم في مستشفى "لافوار"بعاطفة صادقة وعبارات ودية، تجد أعوان شركة الحراسة في انتظارك. كل شيء يجري على قدم وساق. الكل هنا مجند لخدمة مرضى وباء الألفية الجديدة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة. أطباء، ممرضون، تقنيون، أعوان، عناصر الحراسة، أمنيون،..مجهودات لن تنصفها أبداً أو تصفها الكلمات ولا الحروف فهي مجهود عظيم لا يستهان به، حسب الودغيري أسامة المسؤول بشركة التنمية المحلية الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات ومسؤول عن التجهيزات بالمستشفى الميداني.الأخير صرح لطاقم "أحداث.أنفو" قائلا : "كما تعرفون أن الشركة المذكورة هي من قامت بتجهير المستشفى الميداني وطلب منا أن نمد يد العون والمساعدة للطاقم الطبي للمستشفى.كما نقوم بالإشراف على كل ما له علاقة بالسير اليومي للمستشفى من نظافة وإضاءة وأمن وكهرباء وكاميرات المراقبة، وأمارس عملي بهذا المستشفى منذ 4 أشهر رهن إشارة المديرية الجهوية للصحة.. ما يهمنا هو صحة المرضى".الخوف من العدوى يقتل أولايمثل العبء النفسي على المريض ضغطا هائلا. اليأس والقنوط. أحاسيس سوداء، تملكت مريضا في الثلاثينات من عمره، لم يظن أن فيروس كورونا المستجد، سيزحف على يوميات حياته، لكن الإيمان والصبر وحدهما جعلاه يتخذ من الأمل سلاحا للتشبت بالحياة، بدل العيش في حالة نفسية متردية، والاستسلام للخوف والقلق والفوبيا من كورونا. "ليس باليد حيلة، يجب علي مواجهة قدري. كنت أسمع فقط عنه في نشرات الأخبار، أما الأن فأنا أحد ضحاياه.. وأصبحت أعرف ماذا تعني كلمات من قبيل كوفيد 19.. كورونا.. فيروس.. جهاز إنعاش طبي.. تنفس اصطناعي"، يقول بوجه يعتصره الألم والحزن الشديدين.لا أحد يثبت في مكانه. الكل يتحرك، ووحدها كلمات بالدارجة الممزوجة بالفرنسية من تجمع بين الحاضرين، وبين الفينة والأخرى دعوات متكررة بضرورة الاطلاع على أحد المرضى، الذي حكمت عليه الأقدار، مواجهة الداء وحيدا. ليس له من سلاح سوى الشجاعة والتعايش مع هذا الملل. غضبان محمد ممرض مجاز يعمل بالمستشفى الميداني، لم يجد منبرا لإيصال رسالته سوى "أحداث.أنفو" : الحاجة الوحيدة التي تشكل عائقا وتحديا للخدمات التي نواجهها يوميا، هو عدم صبر المرتفقين الوافدين على المستشفى، حيث نواجه إكراه معالجة طلبات أكثر من 50 شخصا في ظرف 5 دقائق، الناس تمل من الانتظار بسبب الضغط والخوف والقلق".قصة متعافية من كورونارغم التدابير الاحترازية التي اتخذتها، إلا أنها مع التخفيف من إجراءات الحجر الصحي، تهافتت على الأسواق والمتاجر الكبرى لاقتناء مختلف السلع الخاصة بالعيد، بشكل غير مسبوق.تروي إحدى المتعافيات من فيروس كورونا في الدارالبيضاء، قصتها مع المرض بمراحله المختلفة، منذ تشخصيها "إيجابيا" حتى شفيت بالكامل : "أدعو الجميع باتخاذ التدابير الوقائية ضد هذا الوباء الذي يتسرب إلى أجسامنا في غفلة منا، كنت محتاطة لدرجة كبيرة، لكن مع تخفيف اجراءات الحجر الصحي، تهاونت قليلا في إجراءات الحماية ضد كورونا، خصوصا مع فترة العيد، حيث أكثرت من التنقلات خارج البيت، وأصبت بالوباء دون ظهور أعراض واضحة، إلا فقدان حاسة الشم، وبعد خضوعي للتحاليل المخبرية، اكتشفت إصابتي بكورونا مع مارافقها من خوف وهلع".منذ شفاءها من الفيروس وهي في حالة أفضل بكثير، تقول سعاد :"الحمد لله مع المجهودات التي يقوم بها الطاقم الطبي والتمريضي وباقي القائمين على المستشفى الميداني والدعم المعنوي والنفسي الذي تلقيته، تمكنت من تجاوز المحنة بخير، بعد قضاء 14 يوما.. خلال أيام استشفائي عاينت حالات حرجة بسبب الامراض المزمنة وهي مشاهد لن أنساها.أوجه رسالتي إلى جميع المغاربة إلى أخذ الحيطة والحذر، لحماية أبنائهم وأحبائهم من هذا المرض". وبعد هذه التجربة الطويلة تنصح سعاد بالابتعاد عن المواقع المغلقة والالتزام بإرشادات وزارة الصحة.مع جندي التماسعلى الساعة الرابعة عصرا. على مدخل الباب الرئيسي. سيارة إسعاف تتوقف. يترجل منها رجلان يرتديان البدلة الطبية الواقية من كورونا، سرعان مايفتح أحدهما الباب الخلفي، ويساعد امرأة مسنة على الوقوف. توجه الرجل الآخر بالحديث إلى رجل أمن خاص يقف بعيدا عنه. بعد لحظات، ينخرط "سيكوريتي" في أداء واجبه ويستدعي أحد المكلفين بالتعقيم. مسؤول شركة "كارا" للحراسة والأمن يتابع المشهد، الذي بدا له مألوفا من بين حكايات إنسانية أخرى غير منتهية في زمن "كورونا".كارا عبد الكريم، مسؤول بالشركة يحكي لطاقم "أحداث.أنفو" عن يوميات جنود الخفاء بالمستشفى الميداني : "نقدم خدمة دعم معنوي للمرضى الذين يعيشوا حالة صدمة بسبب إصابتهم بالوباء وتعاملنا مع رضع يبلغون من العمر ثلاثة أشهر، ومسنين ممن تجاوزوا سن التسعين، كل الطاقم المسخر من الشركة يعمل بواجب إنساني، وندعو الجميع لمواجهة الوباء ودعم المرضى نفسيا من أجل التغلب عليه.. لاتهم التضحيات.. نحن نسعى جاهدين للتغلب على الوباء بالإمكانيات المتوفرة".باراكا من التبخيسليس فقط المتعافين من من وباء كورونا، من لهم حكايات يقصونها. الوضع ليس مرعبا كما يتوقعه الكثير، يقول كمال نور الدين، مسؤول بقسم التواصل بالمديرية الجهوية للصحة البيضاء - سطات، الذي تكلم بحرقة عن تبخيس مجهودات العاملين بهذا المستشفى في مقاطع فيديو. "واحد المريض دار فيديو غير باش يبان ويتصور وينتقد..هنا الكل مجند لتقديم خدمات الواجب في ظل استمرار الجائحة، وعملنا يرتكز على تنظيم سير معالجة مرضى كوفيد 19، انطلاقا من التشخيص ثم تحديد المستشفى المناسب للشخص المريض بالجهة، سواءا المستشفى الميداني أو مستشفيات الجديدة، بن سليمان، مولاي يوسف".ويوجه رسالة للمصابين الجدد بهذا الداء، "الأطباء والمعالجة الطبية متوفرة، لذلك لا داعي لهلع المرضى، كل ما في الأمر، هو قلة الموارد وكثرة الحالات الوافدة واستمرارية عمل الطاقم الطبي والتمريضي على مدار ساعات اليوم، وعلى سبيل المثال، الطاقم المعالج بالمستشفى الميداني يضم ثمانية أطباء و12 ممرضا.كما أن هناك وحدة متخصصة في الاتصال هاتفيا بالمرضى خلال فترة استكمال العلاج بالمنزل بعد خروجهم من المستشفى..رسالتي إلى المواطنين هي رسالة جلالة الملك إلى المغاربة في الخطاب الأخير، المرجو من الجميع اتخاذ وسائل الحماية والوقاية بالأماكن العامة من أجل صحة الجميع في هذا الوطن".تجدر الإشارة إلى أن تجهيز المستشفى الميداني تم على مساحة 20.000 متر مربع بما سيسمح له باحتضان حوالي 700 سرير، وتم تقسيم المساحة الكلية إلى أربعة فضاءات كبيرة، على شاكلة أروقة منفصلة، إذ لكل فضاء طاقمه الطبي المنفصل، والمرافق الصحية منعزلة عن بعضها. وبلغ حجم الاستثمار الإجمالي 45 مليون درهم.ويحتوى المستشفى المؤقت على غرف معادلة الضغط عند مداخله الرئيسية، كما سيجري وضع جهاز معالجة الهواء لضمان تجديد الهواء داخل الأروقة الأربع ويشمل المشروع أيضا تهيئة ساحة موقف السيارات (باركينغ) خارج المعرض لاستيعاب قاعات الاستشارة الطبية وقاعات الاستراحة ومكاتب الأطباء.إضافة إلى مراحيض وحمامات مخصصة للأطقم الطبية بالإضافة إلى تخصيص صناديق فردية بمثابة مخادع للموارد البشرية الطبية والصحية المشتغلة في هذا المستشفى الميداني.[gallery link="file" size="square" ids="607838,607839,607840,607841,607842,607843,607844,607845,607846,607847,607848,607849,607850,607851,607852,607853,607854,607855,607856,607857,607858,607859,607860,607861,607862"]