AHDATH.INFOربما لم تجزم النتائج بعد، لكن التنافس الصيني الأمريكي على أشده في محاولات لإعادة رسم نسب الشعبية العالمية التي طالما تربع عليها الحلم الأمريكي، حيث كشف أكبر استطلاع رأي عام من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منذ بدء الجائحة خلال الفترة 2021-2022 ، والذي شمل نتائج أكثر من 23 ألف مقابلة أجراها الباروميتر العربي، أن المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين  تعيش تصاعدا مطردا على مدار العقد الأخير.ترجيح مغربي للكفة الأمريكيةوأشارت النسب التي كشف عنها الاستطلاع، أن الصين تمكنت من الانفتاح بشكل متزايد على العالم عبر مبادرة الحزام والطريق التي مكنت من تعامل اقتصادي أكبر مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقابل انسحاب أمريكا من المنطقة وتركيزها على آسيا، وفي الوقت الذي كشفت فيه معظم الدول المساهمة في الاستطلاع (موريتانيا ،السودان ،العراق، لبنان الأردن، تونس، ليبيا، فلسطين) عن ترجيح ولو طفيف لصالح الكفة الصينية، كان المغرب أكثر ترجيحا للكفة الأمريكية بنسبة بلغت 69 في المائة من المغاربة "الراضين" عن أمريكا، حيث حظي الجانب الأمريكي بشعبية أكبر قياسا بالصين.وعلى الرغم من جني الصين لشعبية أكثر خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المواطنين في أغلب الدول المشمولة بالاستطلاع، أقل إقبالا على القول بأنهم يرغبون في علاقات أقوى مع الصين، في حين تبين في عدة حالات وجود تغير بواقع 20 نقطة مئوية ضد الصين في هذا الصدد، بالمقارنة في أغلب الدول زادت الرغبة في إقامة علاقات اقتصادية أمتن مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما يشير أن مبادرة الحزام والطريق لم تأت بالآثار المرجوة منها، وربما يرتبط الأمر بسمعة الشركات الصينية الأضعف من نظيراتها الغربية، حيث لم يظهر الاستطلاع أي تفضيل لشركة صينية على شركة أمريكية أو ألمانية، في أعمال التشييد والبناء للبنية التحيتة، كما أن السمة التجارية الأساسية للصين هي زهد الثمن وتدني الجودة.وفي المغرب، تراجعت نسبة الراغبين في تقوية العلاقات الاقتصادية مع الصين بنسبة 13 في المائة، حيث عبر 49 في المائة من المغاربة المشاركين في الاستطلاع خلال 2018-2019 عن رغبتهم في تقوية العلاقة، لكن في فترة 2021-2022 ، تراجعة النسبة إلى 36 في المائة، مقابل رغبة أغلب الدول المشاركة في الاستطلاع ، بعلاقات اقتصادية أقوى مع أمريكا، باستثناء فلسطين التي تتخذ موقفا سلبيا من أمريكا بسبب دعمها الدائم لإسرائيل.توجس من التوسع الاقتصادي الأمريكيبالنسبة للقضايا السياسية، تعاني الصين وأمريكا من محدودية دعم المواطنين العرب لهما، فبالنسبة للصين هناك معاملتها للأقليات المسلمة خاصة الإيغور ما يضر بشعبيتها ، لكن قلة من المواطنين العرب يتابعون هذا الوضع، بالمقابل الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل يضر بجهود الولايات المتحدة لكسب قلوب وعقول المواطنين بالمنطقة.وعلى الرغم من كون تجارة الصين مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تفوق مثيلتها الأمريكية، إلا أن مواطني المنطقة لا يرون في التوسع الاقتصادي الصيني أي تهديد لدولهم مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث النظر بتوجس إلى الجانب الأمريكي،  خاصة من الجانب الفلسطيني والعراقي الذي عبر 53 في المائة منهم عن  تخوفهم من تطور القوة الاقتصادية لأمريكا  التي يروا فيها  تهديدا خطيرا، متبوعين ب 43 في المائة من الموريتانيين، و40 في المائة من السودانيين،و 38 في المائة من التونسيين و الأردنيين، في الوقت الذي بلغت نسبة المتخوفين بين صفوف اللبنانيين 37 في المائة، متبوعة بالليبيين بنسبة 33 في المائة، أما المغرب فشكل النسبة الأقل التي لم تتجاوز 22 في المائة من الذين يعتبرون القوة الاقتصادية الامريكية تشكل خطرا.واعتبر المشاركون في الاستطلاع أن المساعدات التي تقدمها أمريكا لدولهم تدخل في إطار كسب النفوذ ، والتنمية الاقتصادية، و تحسين حياة المواطنين، وهو ما دفع التواجد الاقتصادي الصيني إلى تصميم مشاريع تساعد في كسب قلوب وعقول المواطنين لصالح الصين، من خلال رعاية المشاريع المصممة لتحسين مستوى التنمية الاقتصادية.المغاربة يستبعدون الخيار الفرنسيوفي سؤال افتراضي عن الجهة التي يمكنها الفوز بمشروع بنية تحتية، طرح الاستطلاع سؤالا عن جنسية الشركة الأجنبية التي يفضلها المواطن، فضلا عن التصورات التفصيلية التي تهم التكلفة والجودة والفساد المتصل بعملية منح العقد، وأظهرت النتائج شبه إجماع على اختيار ألمانيا في المرتبة الأولى في كل من المغرب والادرن والسودان والعراق وتونس لبنان وليبيا، باستثناء موريتانيا التي فضلت الولايات المتحدة كخيار أول.ومن المثير للاهتمام أن النتائج التي تخص المغرب أظهرت استبعادا للخيار الفرنسي، حيث عبر 34 في المائة من المغاربة عن اختيار ألمانيا لتنفيذ المشاريع، بينما عبر 23 في المائة منهم عن اختيار الولايات المتحدة، واختار 18 في المائة تركيا، بينما احتلت الصين المرتبة الرابعة في تفضيلات المغاربة بحصولها على صوت 14 في المائة من المصوتين، بينما لم تتعدى نسبة المغاربة الذين اختاروا فرنسا لإقامة المشروع الافتراضي، 6 في المائة.ولسوء حظ الصين، فإن كل الدول أجمعت على أنها الدولة التي تصنع أسوء المنتجات جودة وأقلها سعرا، بينما تبوأت أمريكا المرتبة الأولى في أغلب الدول عندما طرح السؤال حول أقل الدول استعدادا لدفع رشوة للفوز بالعقد، وفي المغرب تظهر النتائج أن المستجوبين يضعون ثقتهم في الأمريكيين والألمان بنسبة 19 في المائة لكل دولة، متبوعين بالصين 18 في المائة، ثم تركيا 16 في المائة، بينما احتلت فرنسا ذيل اللائحة حيث لم تحظى إلا بثقة 12 في المائة.وعن الدولة التي تدفع أفضل المرتبات، اختار المغاربة  الولايات المتحدة بنسبة 30 في المائة، متبوعة بألمانيا بنسبة 27 في المائة، تليها الصين (16 في المائة)،  ثم تركيا (13 في المائة)، بينما لم تتجاوز فرنسا  نسبة 6 في المائة، وارتباطا بالدولة التي يرى المغاربة أنها ستوفر أفضل معاملة للعمال المحليين، تم اختيار ألمانيا بنسبة  29 في المائة ألمانيا،  تليها تركيا بـ 21 في المائة، ثم أمريكا بـ 18 في المائة، والصين بـ 15 في المائة، بينما لم تتجاوز نسبة من رأى في فرنسا الدولة القادرة على توفير معاملة جيدة للعمال 7 في المائة !!وعندما سئل المغاربة عن أفضل الدول للفوز بعقد لإنشاء مشروع، صوت 28 في المائة منهم على ألمانيا، متبوعة بالولايات المتحدة بنسبة 23 في المائة، و تركيا 19 في المائة، الصين 13 في المائة، فرنسا 8 في المائة، 9 في المائة لدول أخرى.تجدر الإشارة أن النسب الضعيفة التي ترجمة اهتزاز ثقة المغاربة في الجانب الفرنسي، تتزامن مع سلسلة من مؤشرات أزمة دبلوماسية صامتة بين الرباط وباريس، والتي رمت بظلالها بشكل مباشر على الراغبين في الحصول على التأشيرات التي تم خفضها بنسبة 50 في المائة، إلى جانب الموقف الرمادي لباريس من ملف الوحدة الترابية في الوقت الذي حدد فيه الخطاب الملكي الأخير معايير واضحة لبناء أي تعاون مستقبلي مع المغرب، استنادا إلى مواقف الدول من قضية المغرب الأولى.