صادق مجلس النواب، خلال جلسة تشريعية عقدها اليوم الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 70.24 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.84.177 الصادر في 2 أكتوبر 1984، المتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك.
وحظي مشروع القانون بموافقة 107 نواب برلمانيين، فيما عارضه 37 نائبا.
وأوضح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال تقديمه لمشروع القانون، أن النص الجديد جاء لإعادة النظر في منظومة التعويض المعمول بها منذ سنة 1984، قصد الرفع من مستوى التعويضات وتحيين المقتضيات بما يواكب التطور السريع لأنماط النقل والحوادث، لافتا في هذا السياق إلى أن الوزارة سعت إلى رفع التعويضات بنحو 150 في المائة، وضبط عدد من المفاهيم القانونية "حتى لا نترك مجالا للاجتهاد في تفسيرها".
وأضاف الوزير أن التطور التكنولوجي يفرض تحديثا متواصلا للقانون، مشيرا إلى حالات جديدة لم تكن واردة سنة 1984، مثل الترامواي الذي "لا يمكن اعتباره عربة بأربع عجلات"، أو الوسائل الأخرى التي قد تعتمد في المستقبل مثل السيارات ذاتية القيادة، وهو ما يستدعي تحديد المسؤوليات إذا تسببت هذه الوسائل في ضرر.
وأشار إلى أن مشروع القانون يتضمن عدة مستجدات، أبرزها ضبط المفاهيم القانونية وتوحيد التفسيرات، خصوصا ما يتصل بالأجر والكسب المهني، بما يتيح منح تعويضات أعلى في حالات خاصة، وتوحيد آجال التقادم لطلبات الصلح وطلبات مراجعة التعويض في حالات تفاقم الضرر في خمس سنوات، مع تنظيم دقيق لحالات وقف التقادم وانقطاعه.
كما ينص المشروع، يضيف الوزير، على توسيع المستفيدين من التعويض ليشمل الأبناء المكفولين، والآباء الكافلين، والزوج العاجز عن الإنفاق، إضافة إلى الطلبة والمتدربين في مؤسسات التكوين المهني والتعليم العالي، وكذا الرفع من قيمة التعويضات المالية عبر رفع الحد الأدنى للأجر المعتمد في احتساب التعويضات بنسبة 54 في المائة تدريجيا على خمس مراحل، ليصل من 9270 درهما حاليا إلى 14270 درهما.
ويتضمن النص التشريعي مقتضيات تتعلق بتبسيط الإجراءات وتعزيز فعالية مسطرة الصلح وترسيخ ثقافة التسوية الودية للنزاعات، وذلك بالإبقاء على إجبارية الصلح، مع إعادة تنظيم مسطرته وضبطها.
وفي معرض تفاعلها مع مضامين مشروع القانون، نوهت فرق الأغلبية بالمبادرة الحكومية الهادفة إلى تصحيح جزء من "الاختلالات" التي رافقت منظومة تعويض المصابين في حوادث السير طوال العقود الماضية، معتبرة أن مراجعة ظهير سنة 1984 تشكل فرصة حقيقية لمعالجة الإشكالات المرتبطة بضعف التعويضات، وبطء مساطر معالجة الملفات، وتأخر صرف المستحقات.
وأكدت هذه الفرق أهمية المشروع في سد الثغرات القانونية، ولاسيما ما يرتبط بتحقيق الانسجام التشريعي بين مدونة السير ومدونة التأمينات والنظام العام للوظيفة العمومية والنظام الأساسي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمسطرة المدنية، مشددة على أن بلوغ الأهداف الاجتماعية المتوخاة من هذا الإطار القانوني يظل رهينا بالتنزيل المحكم لمقتضياته، من خلال الإسراع بإصدار النصوص التنظيمية اللازمة.
بدورها، نوهت فرق المعارضة بالمبادرة الحكومية لتحديث القانون وملاءمة المنظومة التشريعية مع المتغيرات والتحديات الراهنة، خاصة في ظل تزايد حوادث السير وما تخلفه من تداعيات اجتماعية واقتصادية وقانونية، معتبرة أن مشروع القانون يشكل خطوة مهمة لتعزيز قيم الإنصاف والحماية القانونية، ودعم ثقة المواطن في منظومة العدالة باعتبارها ضامنا لحقوق المتضررين.
ولفتت في المقابل إلى أن نجاعة هذا النص التشريعي ستظل مرتبطة بمدى التزام شركات التأمين بعدم الزيادة في الأقساط، داعية إلى تبني مقاربة شمولية لإصلاح هذا الورش ومراجعة منظومة التعويضات في شموليتها.