جرى أمس الاثنين بالرباط، تتويج خمس باحثات مغاربيات خلال حفل النسخة التاسعة عشرة لبرنامج "لوريال-اليونسكو" للمواهب المغاربية الشابة "من أجل النساء في العلوم".
ويتعلق الأمر بالباحثات المغربيات سميرة أوبنين، وفردوس إدلحسن، وصفية سهلي، إلى جانب التونسية سهير بلومي والجزائرية سميرة كوفي، حيث حصلت كل واحدة منهن على جائزة بقيمة 10 آلاف أورو لدعم ومواصلة مسارهن العلمي. وقد تميزت هؤلاء الباحثات في مجالات متنوعة من قبيل المعلوميات الحيوية، والتكنولوجيا الحيوية، والهندسة المدنية، والكيمياء التحليلية، والذكاء الاصطناعي.
واختارت لجنة تحكيم مكونة من شخصيات علمية مرموقة، برئاسة نائب رئيس الأبحاث والتطوير بالجامعة الدولية بالرباط، عبد العزيز بنجواد، الباحثات الخمس الفائزات من بين العديد من الترشيحات.
وفي كلمة لها بهذه المناسبة، أشادت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، بمبادرة "لوريال" و"اليونسكو" لتثمين دور الباحثات. وأكدت أن مساهمة النساء في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والبيئة والطاقة النووية تعد أمرا جوهريا لمواجهة التحديات الراهنة الكبرى المرتبطة بالتحول الاقتصادي والاجتماعي.
كما أبرزت الوزيرة أهمية الاستثمارات المنجزة في المختبرات ومراكز البحث، وخاصة في مجالات التكنولوجيات النظيفة، وتكنولوجيا البطاريات وتخزين الطاقة، والذكاء الاصطناعي المطبق على الطاقة، وهي قطاعات يشتد فيها التنافس على الصعيد الدولي، حيث يعتبر التميز أمرا حاسما.
وحثت الوزيرة الباحثات الشابات على مواصلة جهودهن بإصرار، مؤكدة أن المؤسسات والمنظومة العلمية تقف إلى جانبهن لمواكبتهن في مسارهن ولتمكينهن من الإسهام بشكل تام في تطوير البحث العلمي والتكنولوجي بالمملكة.
ومن جهته، هنأ رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، هشام الهبطي، في كلمة عبر تقنية التناظر المرئي، الباحثات الفائزات على أبحاثهن المتميزة، مؤكدا أن نجاحهن يندرج في سياق طويل من مساهمة النساء في المعرفة العلمية بالمنطقة.
وجدد الهبطي التأكيد على التزام الجامعة من أجل تشجيع النساء على خوض مجال العلوم، مشيرا إلى أن النساء يمثلن 55 في المائة من مجمل طلبة جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية.
كما أبرز برامج الدعم لفائدة الباحثات الإفريقيات الشابات، ولاسيما من خلال برنامج الم نح لمؤسسة ماستركارد ومبادرة "نساء إفريقيا في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي".
كما أشاد الهبطي بشراكة لوريال–اليونسكو، التي تتيح للباحثين الشباب الأدوات والمنصات والاعتراف اللازم للإسهام في تقدم العلوم، مسجلا أن التميز العلمي يحمل اليوم أسماء وأصوات نساء من المنطقة المغاربية.
و أكد مدير وممثل المكتب الإقليمي لليونسكو للدول المغاربية، شرف أحميمد، أن الشراكة بين اليونسكو ولوريال، القائمة منذ 27 عاما على الصعيد العالمي ومنذ 2006 بالمغرب، ت عد نموذجا يحتذى في مجال التوجيه.
وأوضح أن البرنامج لا يقتصر على تقديم المنح، بل يوفر أيضا شبكة علاقات مع باحثين وباحثات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مضيفا أن البرنامج ينفذ في جميع البلدان التي تعمل فيها اليونسكو ولوريال بالقارات الخمس.
وعلى الرغم من التقدم المحرز في المنطقة، يضيف السيد احميمد، مازال هناك الكثير مما ينبغي القيام به، مشيرا إلى أن هذه الشراكات متعددة الفاعلين – من السياسيين والقطاع الخاص والأمم المتحدة والدول واليونسكو – تتيح العمل بشكل مشترك لتعزيز ولوج أمثل للنساء في ميدان العلوم.
من جانبها، قالت المديرة العامة لشركة لوريال المغرب، ليلى بنجلون، إن هذا التكريم لا يحتفي فقط بالتميز العلمي للباحثات، بل أيضا بشجاعتهن، ومثابرتهن، وقدرتهن على تجاوز العقبات وفتح آفاق جديدة أمام جيل بأكمله.
وأضافت أن العالم بحاجة إلى العلم، والعلم بحاجة إلى النساء، لأنهن يقدمن آفاقا مختلفة ومنهجيات مبتكرة، ويشتغلن على إشكاليات من زاوية وحساسية مختلفتين، وهو ما يمكن من الاستجابة للتحديات الراهنة من منظور مغاير.
وأوضحت بنجلون أن البرنامج يمنح الفائزات، إلى جانب التمويل، الوضوح في الرؤية والثقة والاعتراف العلمي، وإمكانية الانخراط في مجتمع من الباحثات السابقات القادرات على مواكبتهن، مشيرة إلى أن كل واحدة من المتوجات حصلت على جائزة لدعمها في مواصلة مسارها العلمي.
ومنذ إطلاقه في المغرب سنة 2006 ثم توسيعه ليشمل المنطقة المغاربية في 2013، مكن برنامج لوريال–اليونسكو "من أجل النساء في العلوم" من تكريم 90 باحثة شابة نظير تميز أبحاثهن، مساهما بذلك في تجاوز الصعاب وتكريس واقع علمي أكثر إنصافا وشمولية في المنطقة.