نوه مدير دار الحديث الحسنية، عبد الحميد عشاق، بتزامن احتضان المغرب للنسخة الثالثة عشرة للمؤتمر العالمي للوقف، والورش الاقتصادي ببعده الديني عقب الأوامر الملكية التي دعت العلماء لإعمال النظر  في المستجدات المالية في باب الزكاة، وذلك في سياق الاحتفاء بمرور 15 قرنا على ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام.

وأكد عشاق، في كلمته الافتتاحية لهذا المؤتمر الدولي الذي تحتضن مؤسسة دار الحديث أشغاله ما بين 25 و 27 نونبر 2025 برعاية جامعة القرويين وإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن هذا اللقاء العلمي يقدم شهادة على تاريخ من الجود والتشييد والبذل الذي ميز المغرب على امتداد قرون، حيث تلتئم روح العلم بروح الجود ،" فكان الوقف جسرا بين الدين وعمارة الأرض، كما أنه اليوم محطة مشهودة لتلاقي النخب من أزيد من 15 دولة يتشاركون هم تطوير الوقف، وتحويله إلى رافعة للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية".

وأكد ذات المتحدث، أن اختيار المملكة لاحتضان هذه الفعالية ،يحمل دلالة عميقة لما للمغرب من رصيد تاريخي عريق في نظام الوقف، الذي ظل عبر قرون نموذجا في الرؤية المتبصرة التي توحد بين الدين والعلم والتنمية، وذلك في سياق النهوض بمصالح الدين والدنيا من خلال تشييد المساجد والمدارس والمستشفيات والجوامع الزوايا والمرافق الموجهة لخدمة الفئات الهشة.

واستحضر مدير دار الحديث الحسنية، جامعة القروين كمثال شاهد على نظام الوقف في المغرب، حيث شكلت هذه المعلمة العلمية نموذجا للوقف المخصص لنشر  العلم وخدمة التراث وبناء الإنسان، مضيفا أن المؤتمر يؤكد قدرة الوقف على تجديد نفسه من داخل قيمه العليا وفقا لمستجدات العصر، حيث أشار لإمكانية استثماره في التعليم والصحة والسكن والحماية الاجتماعية والبحث العلمي ومستجداته المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ، والتقدم التقني والتنمية المستدامة، وغيرها من المجالات التي تجعل من الوقف استثمارا فاعلا في صميم تحديات المجتمع المعاصر.

وأوضح عبد الحميد عشاق، أن نظام الوقف في الحضارة الإسلامية، يقابل مؤسسات التطوع في الغرب، حيث يلتقي النموذجين في خدمة الصالح العام وتخفيف الأعباء عن الحكومات، انسجاما والنزوع  للخيرية كأصل في الحضارة الإسلامية، والتي كان من مظاهرها الوقف والتحبيس والصدقات والرعاية الاجتماعية والعلمية، موضحا أن التجربة المغربية في إدارة الأوقاف تقدم نموذجا رائدا في الجمع بين النص والاجتهاد، وهو ما يجعل من الوقف، فاعلا مؤثرا في مسار التنمية الوطنية، وشريكا في صياغة السياسات العامة.