احتضنت مدينة العيون، يوم الجمعة 21 نونبر 2025، أشغال افتتاح الدورة العاشرة للجمعية العامة لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية (APNODE)، بحضور وفود برلمانية رفيعة المستوى، ورؤساء مجالس تشريعية إفريقية، ومسؤولين حكوميين ودبلوماسيين وخبراء في تقييم السياسات العمومية.

واستهلّ الجلسة رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، بالترحيب بالوفود الإفريقية مؤكدا أن انعقاد هذا اللقاء القاري بالعيون يعكس الإرادة الجماعية لتعزيز التعاون البرلماني الإفريقي، وترسيخ الحكامة والتنمية المستدامة في القارة.

وأوضح في كلمته أن تقييم التنمية أصبح أداة استراتيجية لتوجيه القرار العمومي، لمواكبة التطورات المتسارعة في المنهجيات والمعايير الدولية. ملفتا الانتباه إلى أنه لم يعد يقتصر على قياس المؤشرات أو تتبع النتائج، بل يشمل فحص نجاعة السياسات ومدى ملاءمتها لأولويات المواطنين، إضافة إلى تحليل أثرها واستدامة مخرجاتها.

كما أبرز أن الحاجة إلى ترسيخ ثقافة تقييم داخل القارة الإفريقية تزداد إلحاحاً بفعل التحديات التنموية واتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الالتزامات الكبرى التي تتضمنها أجندة 2063 والاستراتيجيات الوطنية لبلدان القارة.

وأبرز ولد الرشيد إلى أن تطوير التعاون البرلماني الإفريقي في مجال التقييم ينسجم مع التوجه الإفريقي للمملكة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من تقوية القدرات الإفريقية خياراً استراتيجياً، عبر دعم المشاريع الإقليمية وتوسيع آفاق الشراكات جنوب–جنوب.

كما ذكر أن انعقاد الدورة العاشرة لشبكة APNODE بمدينة العيون يحمل دلالة قوية، لأن هذه الأقاليم أصبحت نموذجا ملموسا لثمرات السياسات التنموية التي تبنى على رؤية استراتيجية وتواكب بآليات دقيقة للتتبع والتقييم، مستعرضا أبرز المشاريع المهيكلة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، ومن بينها ميناء الداخلة الأطلسي، والميناء الجديد لفوسبوكراع بالعيون، والطريق السريع تيزنيت–الداخلة، إلى جانب مشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر ومحطات تحلية مياه البحر، حيث تعكس هذه الأوراش رؤية تنموية متكاملة تربط بين الأثر المحلي والبعد القاري، خاصة مع المبادرات الكبرى التي أطلقها جلالة الملك، مثل مبادرة إفريقيا الأطلسية ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب.

كما أشار إلى أن تعزيز مكانة التقييم في السياسات العمومية الإفريقية يستوجب العمل على ثلاث ركائز أساسية أولها الإطار التشريعي الذي يرسخ التقييم كمكون مؤسسي، عبر قوانين تلزم الحكومات والمؤسسات العمومية بإجراء تقييمات دورية، أما الركيزة الثانية فتتمثل في البعد التنظيمي، من خلال إنشاء وحدات برلمانية متخصصة وتطوير المهارات التحليلية والقدرات التقنية للبرلمانيين، اما الركيزة الثالثة فتقوم على الانفتاح على المجتمع بكل مكوناته، لتمكين التقييم من الاستفادة من خبرات الجامعات والباحثين والمجتمع المدني.

وفي ختام كلمته، جدد رئيس مجلس المستشارين الترحيب بالوفود الإفريقية المشاركة، معبرا عن أمله في أن تشكل دورة العيون محطة بارزة في مسار شبكة APNODE، وفرصة لتعميق النقاش وتبادل التجارب وبناء توصيات عملية من شأنها تعزيز مكانة التقييم في صلب السياسات العمومية بالقارة الإفريقية، وأكد أن تقييم التنمية يشكل ضمانة أساسية لرفع نجاعة السياسات وتلبية تطلعات الشعوب الإفريقية نحو مستقبل واعد.