من جديد عادت الأنظار ، اليوم الجمعة 14 نونبر، إلى قاعة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، حيث تستأنف هيئة الحكم النظر في قضية العمدة السابق للمدينة "محمد العربي بلقايد" ونائبه الأول "يونس بنسليمان"، في واحدة من أكثر الملفات حساسية المرتبطة بالصفقات التفاوضية لمؤتمر المناخ "كوب 22”.
الخبرة المحاسباتية تعيد الملف إلى الواجهة
جلسة اليوم تأتي بعد توصل المحكمة، خلال الجلسة ما قبل الأخيرة، بالخبرة المحاسباتية التي سبق أن أمرت بها منذ إخراج الملف من المداولة نهاية 2022. وقد تسلم الطرف المدني، ممثلا في الحقوقي "عبد الإله طاطوش"، نسخة من تقرير الخبرة، ما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من النقاش القانوني حول مدى مسؤولية المتهمين.
الخبرة الحسابية والتقنية، المنجزة من طرف خبيرين ، كانت قد كلفتهما المحكمة بإنجازها بموجب قرار تمهيدي، مع إلزام بلقايد وبنسليمان بأداء 100 ألف درهم مسبقا مقابل أتعاب الخبيرين.
النيابة العامة تتمسك بوجود "تبديد ممنهج للمال العام"
خلال الجلسات السابقة، شددت النيابة العامة على أن الصفقات التفاوضية التي أبرمت سنة 2016 كانت "خارج القانون”، معتبرة أن المتهمين تورطا في تبديد المال العام، خاصة أن نحو 14 صفقة لم يبدأ إنجازها إلا بعد انتهاء المؤتمر، وهو ما ينتفي معه مبرر الاستعجال نهائيا.
وطالبت النيابة بتطبيق أقصى العقوبات المنصوص عليها في الفصلين 129 و241 من القانون الجنائي، والتي قد تصل إلى عشر سنوات سجنا نافذا.
28 مليار سنتيم.. كلفة صفقات "كوب 22” تحت المجهر
يتابع العمدة السابق بجناية تبديد المال العام، فيما يتابع نائبه بالمشاركة، على خلفية صفقات تجاوزت قيمتها 28 مليار سنتيم، بناء على شكاية وضعها الحقوقي "طاطوش" لدى الوكيل العام، متهما العمدة ونائبه بإبرام الصفقات بشكل غير قانوني خلال استعدادات مؤتمر المناخ.
مسار قضائي متشعب..
القضية لم تتوقف عند شبهة تبديد المال العام. فبعد انتهاء الفرقة الجهوية للشرطة القضائية من أبحاثها، تمت إحالة تقاريرها على النيابة العامة، التي أعطت تعليماتها لفتح بحث في شبهة غسل الأموال، بعدما خلصت الأبحاث إلى احتمال استفادة المتهمين أو أحدهما من "مقابل” جراء إسناد الصفقات لمقاولين محددين.
وسبق للغرفة الجنحية الاستئنافية بمراكش أن أيدت في ماي 2024 الحكم الابتدائي في ملف غسل الأموال، حين تمت تبرئة بلقايد، فيما أدين بنسليمان بسنة حبسا موقوف التنفيذ وغرامة 20 ألف درهم مع مصادرة بعض الأموال.
استئناف المحاكمة
جلسة اليوم تبدو مفصلية، بعد اكتمال الخبرات التقنية والمحاسباتية التي قد تحدد بدقة مسار القضية. فالمحكمة ستشرع في مناقشة مضمون الخبرة وتقييم مدى ارتباطها بالاتهامات الموجهة للمتهمين، في انتظار تحديد المآل القضائي لهذا الملف الذي ظل لسنوات يتصدر واجهة الجدل العمومي في المدينة الحمراء. ويبقى السؤال الذي يطرح الكثير من المتتبعين لمسار هذا الملف، والذي مفاده: هل ستغير الخبرة المحاسباتية مسار ملف "كوب 22”، أم ستؤكد خلاصات النيابة العامة بشأن تبديد المال العام؟