هذا هو المطلوب من الحزبي المغربي اليوم: تقديم اقتراحاته الفعلية حول ما يهم الوطن، وفي مقدمة، وعلى رأس ما يهم الوطن، قضية وحدتنا الترابية التي حقق فيها المغرب نصرا تاريخيا كبيرا، بفضل الديبلوماسية الحكيمة لجلالة الملك، أولا وأساسا، وبفضل التفاف الشعب المغربي، كله دون أي استثناء، حول هذه القضية، وتسجيله إجماعا وطنيا كاملا ومكتملا ظل يقول، منذ افتعلت الحكاية شرقا، إن الصحراء مغربية وستظل مغربية، وهذا مصيرها إلى الأبد.
اليوم طلب مستشارو جلالة الملك من قادة أحزابنا الوطنية اقتراحات عملية حول مشروع الحكم الذاتي في صحرائنا المغربية، وسيرى الناخب المغربي -ونحن نفترض أنه موجود وبقوة لكن العرض الحزبي لا يغريه كثير لأسباب شتى- من من بين هذه الأحزاب يمتلك بالفعل طاقات ديبلوماسية وتسييرية قادرة على الخلق والإبداع والابتكار، ومن من بينها لا شيء لديه إلا الكلام، وإعادة اجتراره منذ الزمن القديم، وحتى الآن.
هل هو امتحان كفاءة؟
نعم.
هل هو امتحان مفاجئ فعلا؟
لا، فالجميع التقط في التعامل الملكي السامي والحكيم مع ملف وحدتنا الترابية رغبة ملكية واضحة في إشراك الجميع في مستقبل تلك المنطقة العزيزة على قلب كل مغربي. ومن يتابع بعمق الخطب الملكية السامية، خصوصا منها التي تطرقت لموضوع الصحراء المغربية، كان يعرف أن هذا المطلوب من الأحزاب المغربية كلها سيأتي أوانه، وها هو قد أتى، والكرة اليوم هي فعلا في مرمى هذه الأحزاب.
نحن، الصحافة، على مرمى نفس المسافة من كل الأحزاب المغربية، حتى وإن قيل عنا عكس ظالم، يريد تقريبنا من هذا وإبعادنا عن ذاك.
ونحن في قضية الصحراء المغربية، والإجماع الوطني الحاصل حولها مثل الجميع: مغاربة نصرخ ملء الروح والجسد بمغربية صحرائنا، ونريد برامج حزبية مبنية على العلم والمعرفة، ترتقي لمستوى النصر التاريخي الذي أتى به جلالة محمد السادس، في هذا المجال، وتؤكد لنا أننا لسنا مخطئين، ونحن نعتقد أن هذه الأحزاب لازالت - رغم كل ما يقال عنها - تتوفر على كفاءات وطاقات وطنية في المستوى تستطيع الإبداع، والخلق والابتكار، متى طلب منها ذلك، ومتى أتاح القدماء أسبابها فرصة التعبير الحر عن المكنون الإبداعي المسجون في دواخلهم.
نعم، ليس المطلوب من الحزبي المغربي النقار الفارغ في منصات المشاهدة التافهة، التي يتكفل نصابو الأنترنيت لملئها بصبيب الفراغ القاتل.
المطلوب من كل أحزابنا الوطنية، دون استثناء هذه المرة، أن ترتقي، وأن تصعد إلى مستوى اللحظة الراقية التي يقترحها محمد السادس على المغرب ككل، وجلالته يرى أفقا وحيدا للمملكة: التقدم، والمزيد من التقدم، ولا شيء آخر غير التقدم.
الصحراء المغربية تنادينا عبر مستقبلها، فحي على الجهاد الأكبر، بعد أن فزنا في الجهاد الأصغر على كل الأعداء.