يشكك البعض من أهمية، وحسم مغربية الصحراء في القرار الأممي رقم 2797، ويرون أن القرار فيه لبس ولا يحتمل الاحتفال به من قبل المغاربة.
وإذا كان مفهوما أن تقوم الآلة الإعلامية المعادية للوحدة الترابية للمملكة بالتقليل من قيمة القرار الأممي واعتباره عاديا جدا ولم يحسم في مغربية الصحراء، إلا أنه لا يفهم ما تذهب إليه بعض الأصوات والكتابات...
توجه الجهات المعادية، بما فيها المتمسكون بزمام قيادة جبهة البوليساريو، والمتحكمون في قراراتها، لا يمكن إلا أن يواصل أساليب المناورة المعمول بها في كل الخصومات والمعارك. غير أن غيرهم من المشككين لا يعطون للقرار حجمه، وربما تخفى عليهم معلومات أو ليس لديهم إلمام بتاريخ نزاع الصحراء...
لقد مر النزاع حول الصحراء المغربية بعدة حقب كان المغرب في بعضها في وضع صعب جدا وليس بجانبه أحد، علنا على الأقل. وقد جاءت قرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد مصالح المغرب في وحدته الترابية.
في سنة 1976 كان قرار الجمعية العامة، حينها وليس قرار مجلس الأمن، يؤكد على انفصال الصحراء عن المغرب ويدعم الاستقلال، ودعا المغرب وموريتانيا والجزائر إلى التعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، التي تحولت إلى الاتحاد الإفريقي..
ما بين 1976 و1988 شهدت أقاليمنا الجنوبية حربا طاحنة مولتها كل من ليبيا القدافي وجزائر هواري بومدين، وسلحها الاتحاد السوفياتي وساهمت فيها كوبا فيديل كاسترو بالخبرة والجيش.. حينها وجد المغرب نفسه وحيدا بدون مناصرة. فالعدو كان معسكرا قويا هو المعسكر الشرقي بإيديولوجيته المعروفة، وبجبروته في تأجيج ما يعرف بالحرب الباردة، وكانت الصحراء المغربية بؤرة لهذا التأجيج.
من جهة ثانية، لم يكن المغرب حينها مستعدا عسكريا فواجه حرب عصابات كانت تكبده خسائر في الأرواح وفي الترويع. وقد ضاعت أرواح العديد من المغاربة سواء من الوحدويين أو الانفصاليين وكان المغرب وحده الخاسر في العملية.
من ناحية الجبهة الداخلية، وإن كان هناك إجماع شبه كلي حول القضية الوطنية، إلا أن هناك مشاكل ما تزال عالقة جاءت من الصراع الذي ظهر بين القصر والحركة الوطنية، وخلف أزمات عميقة، وعاش المغرب فترة مظلمة تسمى سنوات الرصاص..
كما أن المغرب خرج للتو من محاولتين انقلابيتين نظمهما قياديون عسكريون كبار، وذلك في 1971 و1972. يضاف إلى ذلك ما يعرف بعميلة مولاي بوعزة سنة 1973، والتي تم تنظيمها من داخل الجزائر بهدف إسقاط النظام الملكي..
كل هذه الحوادث والوقائع سوف تتكامل ليواجه المغرب وضعا صعبا جدا ومأزوما بشكل كبير... وطبعا هناك وقائع كثيرة وتفاصيل لا يسمح المقام بالتطرق لها..
في بداية الثمانينيات استطاع المغرب أن يستجمع قواه، فسلح قواته العسكرية ودربها وبنى جدارا أمنيا بتقنيات عالية في الدفاع، فأوقف الهجومات وسيطر عسكريا على الميدان..
على الجانب الديبلوماسي قبل الراحل الملك الحسن الثاني بمخطط الاستفتاء على الرغم من معارضة داخلية، ودخلت القضية مرحلة جديدة سوف يظهر فيها المينورسو وسيتم توقيع وقف إطلاق النار. وتبعت ذلك العديد من الوقائع والأحداث لتظهر استحالة إجراء الاستفتاء لصعوبة تحديد هوية المستفتين. ثم جاءت صيغ أخرى من التسويات فأزيح خيار الاستفتاء ودخلت القضية إلى وضع آخر..
في الجانب الداخلي توالت تنمية الأقاليم الجنوبية وسارت الأمور بشكل سلس نحو الأمن والأمان والبناء والتشييد..
وعلى المستوى الديبلوماسي اشتغل المغرب منذ تولي الملك محمد السادس الحكم بأسلوب جديد يقوم على العمل على جميع الواجهات بما في ذلك الديبلوماسية الموازية.. وعلى عكس الفترات السابقة التي كان فيها الملف يدار من طرف وزير الداخلية إدريس البصري، تم تغيير المنهجية. وقد سبق لجلالة الملك محمد السادس أن طلب من البصري أن يسلم وزير الخارجية حينها المرحوم محمد بن عيسى، ملف الصحراء، وطبعا البصري لم يسلم لبن عيسى أي شئ وهذا موضوع آخر..
في سنة 2007 سيقدم المغرب مقترح الحكم الذاتي، وسيشتغل بجد على إقناع المنتظم الدولي بأن هذا هو الحل الوحيد. فاقتنعت القوى المؤثرة في الملف بذلك وبمغربية الصحراء، ليأتي القرار الأخير الذي يضع التفاوض في إطار السيادة الوطنية...