لا يزال الغموض يلف مصير المراسيم التنظيمية الخاصة بتفعيل القوانين المؤطرة للمهن الشبه الطبية في المغرب، رغم مرور سنوات على المصادقة على هذه النصوص داخل البرلمان ونشرها بالجريدة الرسمية، وفي مقدمتها القانون رقم 45.13 المتعلق بمزاولة مهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي، والقانون رقم 43.13 الخاص بمزاولة مهن التمريض.
هذا التأخر، الذي لم تقدم بشأنه الحكومة تبريرات واضحة، أصبح مصدر قلق واسع في صفوف المهنيين المنتمين إلى قطاعات الترويض الطبي، البصريات، النطق والسمع، والأطقم شبه الطبية العاملة في القطاعين العام والخاص، لما له من انعكاسات مباشرة على مسارهم المهني، وعلى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
ويؤكد المهنيون أن غياب هذه المراسيم يحرم المهن الشبه الطبية من الإطار القانوني والتنظيمي الضروري لممارسة مهامهم في ظروف شفافة ومؤطرة، سواء من حيث شروط ولوج المهنة، أو الترخيص للممارسة، أو تحديد مجالات الاختصاص والمسؤوليات، مما يفتح الباب أمام ممارسات غير منظمة وفوضى في بعض المهن الحساسة المرتبطة بصحة المواطنيين.
كما يثير هذا الوضع مخاوف المستهلكين من استفحال ظواهر الممارسة غير القانونية لبعض المهن، وضعف المراقبة، وتضارب الأدوار بين الأطباء والمهن المساندة، مما يؤدي أحياناً إلى إضرار مباشر بصحة المرضى وجودة العلاجات التأهيلية.
ويرى متتبعون للشأن الصحي أن استمرار التأخر في إصدار هذه المراسيم يعكس اختلالا في التنسيق بين القطاعات الحكومية المعنية، خصوصا وزارتي الصحة والتعليم العالي، بالنظر إلى ارتباط هذه المهن بالتكوين الأكاديمي والاعتماد المهني معا، معتبرين أن الوضع الراهن يفرمل جهود تأهيل المنظومة الصحية التي يراهن عليها المغرب في أفق تعميم الحماية الاجتماعية.
ويطالب المهنيون، من خلال جمعياتهم وتنظيماتهم المهنية، الحكومة بـ الإسراع في إصدار المراسيم التطبيقية ذات الصلة، وإشراك ممثلي المهن في صياغتها، بما يضمن تفعيل القوانين المؤطرة بطريقة واقعية ومنصفة، تحفظ كرامة الممارسين، وتضمن للمستهلك المغربي خدمات شبه طبية مؤمنة وذات جودة.