اعتبر الأستاذ الموساوي العجلاوي، الخبير في الشؤون الإفريقية والباحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن الديبلوماسية المغربية التي يقودها جلالة الملك نجحت في الدفاع عن قضاياه الوطنية من خلال ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقناعاته بالتشبث بالهوية الترابية والوطنية مهما كان الثمن. وأشار الخبير إلى أن القرار الأممي المعتمد يعتبر منعطفا حاسما في تاريخ الصراع الإقليمي حول الصحراء وأنه نقل مضمون النزاع من الإبهام إلى الوضوح بشأن المخرج الوحيد للنزاع باعتبار الحكم الذاتي هو الحل السياسي الأنجع، وبذلك يختم كل حديث حول الاستفتاء المؤدي إلى الاستقلال.
الموساوي العجلاوي قال إن القرار الأممي منعطف حاسم في تاريخ النزاع الإقليمي المفتعل
ملف الصحراء المغربية.. من الإبهام إلى الوضوح
* بداية ما هي قراءتكم للقرار الأممي الجديد حول الصحراء المغربية، وما هي أبعاد هذا القرار على المستوى الإقليمي؟
** يجمع الكل على أن القرار رقم 2797، المعتمد من لدن مجلس الأمن يوم 31 أكتوبر 2025، يشكل منعطفا في تاريخ الصراع الإقليمي حول الصحراء داخل مجلس الأمن، إن من حيث الشكل أو المضمون، فهو المختصر المفيد من حيث عدد فقراته ووضوح مصطلحاته وتبيان مقاصده في الخروج من النزاع الإقليمي من بوابة واحدة، هي بوابة الحل السياسي بقاعدة مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والتي تكرر ذكرها 7 مرات في القرار 2797، واعتبرها مجلس الأمن متمتعة "بالزخم الحالي" من خلال "الدعم الذي أعربت عنه العديد من الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر قابلية للتطبيق...". يتضمن القرار سبع حيثيات وست نقاط.
* هل تعتقدون أن القرار الأممي أغلق بصفة نهائية قوس الانفصال وأسطورة تقرير المصير؟
** نقل القرار 2797 مضمون النزاع من الإبهام إلى الوضوح بشأن أن المخرج الوحيد للنزاع هو الحل السياسي، بقاعدة مقترح المغرب حول الحكم الذاتي، وهو بذلك ختم لكل حديث حول الاستفتاء المؤدي إلى الاستقلال.
ويؤكد قرار مجلس الأمن السيادة المغربية على "الصحراء الغربية" قبلت بها الأطراف الأخرى أو رفضتها، فالأمر يتعلق باعتراف الأمم المتحدة بالسيادة على الإقليم. وهي تعرف أن المقترح المغربي هو شكل من أشكال تقرير المصير كما هو مبين في المبدإ السادس من القرار 1541(1960) المؤطر للقرار 1514(1960)، والذي كان إلى جانب المبدأين الرابع والحادي عشر من اقتراح المغرب إلى لجنة الستة دول التي وضعت مشروعي القرارين 1514 و1541 أمام الدورة 14 للجمعية العامة للأمم المتحدة. (ينظر مقالنا: "ما العلاقة بين المغرب وقرار الجمعية العامة 1541"؟ وجهة نظر. موقعM 2.يوليوز 1922).
علينا أن نكون واقعيين، سيكون ثقل القرار 2797 حارقا للأطراف الأخرى التي بنت وجودها على الاستقلال. سيتطلب الأمر زمنا ليس بالقصير وضغطا دوليا، خاصة أن عدد الدول المؤيدة للقرار 2797 سيرتفع كثيرا، ونعرف أن النظام الجزائري الحالي اتخذ منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون للرئاسة ورقة الصحراء أداة لوجوده بالنسبة للشعب الجزائري أو داخل الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأمم المتحدة. كيف ستتخلص هذه الأطراف من ثقل 50 سنة من الشحن؟ هذا سؤال ستجيب عليه الشهور أو السنوات المقبلة. مهما يكن من أمر، هو أن المغرب، من حيث الجانب القانوني والسياسي والدبلوماسي، استطاع أن يؤسس لمرجعية داخل الأمم المتحدة للنزاع الإقليمي حول الصحراء من باب السيادة المغربية.
* لقد أبحرت سفينة الديبلوماسية المغربية منذ البداية وسط أمواج متلاطمة ووضع دولي مضطرب تختل فيه التوازنات، لكنها تمكنت من الوصول إلى وجهتها الصحيحة، كيف تحللون هذا العمل الديبلوماسية الكبير من خلال استحضار أهم مراحله؟
** نجح المغرب في الدفاع عن قضاياه الوطنية من خلال ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقناعاته بالتشبث بالهوية الترابية والوطنية مهما كان الثمن. يقود الدبلوماسية المغربية جلالة الملك، وتأخذ من خلال ذلك متانة ووضوحا، الشيء الذي يفسر نجاح الدبلوماسية الوطنية كما يجسدها قرار مجلس الأمن 2797. واستندت مكونات الهوية وآليات الفعل الدبلوماسي المغربي إلى وجود الدولة والمؤسسات عبر قرون عدة، والمستمرة الآن من خلال المبادئ المؤسسة للمواقف والعلاقات مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية.
ويتساءل الكثير كذلك كيف استطاع المغرب تدبير الموقف الوطني تجاه نزاع الصحراء الإقليمي، وتجاه نظام حاضن للانفصال والارتزاق، تتعدد واجهاته العدائية نحو المغرب كلما طرحت مشروعية وهوية الدولة لديه. عندما تشبث المغرب بالحل السياسي وبمبادئ الأمم المتحدة، وعندما قدم مبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء الإقليمي، فلأنه دولة تحيل إلى القيم الحضارية للدولة المغربية، وإلى مبادئ وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتقرير المصير، وإلى مساهماته في صياغة مضمون قراري 1514 و1541، كما بينا أعلاه.
* أثارت ترجمة كلمة الأطراف في القرار الأممي جدلا كبيرا، أي القراءات هي التي يعنيها القرار؟
** النص الأصلي باللغة الإنجليزية واضح تماما من حيث تعبير "الأطراف" وليس الطرفين، كما ورد في صيغة باللغة العربية، واكبت المشروع الأمريكي المقدم أمام مجلس الأمن. تم إقحام كلمة الطرفين، رغم أنها غير مذكورة في النص الأصلي. فإذا كانت النسخة العربية من مترجمي الأمم المتحدة، فهذا خطأ جسيم، على بعثة المغرب لدى الأمم المتحدة أن تنبه إليه، كما تعودت الدبلوماسية المغربية عمله خلال خمسين سنة. ومهما يكن من أمر فإن القرار واضح في فقرته الثانية من حيث توظيف كلمة الأطراف وتحديد مكوناتها الأربعة. ولم يرد أبدا ذكر الطرفين وتحديدهما بالمغرب والبوليزاريو، بل إن الفقرة الخامسة من القرار تشير إلى "إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية والمنطقة"، ولأول مرة يشار إلى المنطقة، ومنطق ومدلول القرار يدور حول الأطراف والنزاع الإقليمي.
* وصف جلالة الملك القرار بأنه منعطف، ما يعني أن الطي النهائي للملف وجد طريقه الصحيح، ما هي المرحلة المقبلة للوصول إلى المحطة النهائية؟
** كما جاء في الخطاب الملكي ليوم 31 أكتوبر 2025، أن الملف أصبح بالقرار 2797 مرتبطا بالحل المبني على السيادة المغربية، وهذا ما كان يطالب به منذ عقود. سرعة المراحل المقبلة متصلة بدور الأمم المتحدة وبالولايات المتحدة التي أشار إليها القرار 2797. أعتقد أن الأمر سيتطلب زمنا ليس بالقصير.