من أين أبدأ؟ كيف يجب أن أبدأ؟ في أول وآخر المطاف، تاريخ الحادي والثلاثين من أكتوبر، لن يشكل سوى بداية لما سيأتي لاحقاً، وكل ما سيأتي سيجعل كل مغربي فخوراً بالانتماء لأمة تضرب جذورها في أعماق التاريخ.
لنحاول أن نحلل معاً الصورة، ولن يكون هناك أي مشكل، لأنكم سترافقون أفضل من يحلل الصورة..
يوم الحادي والثلاثين من أكتوبر من العام 2025، لم ولا ولن يكون يوماً عادياً في التاريخ المغربي الحديث. أبداً، لن يكون عاديا.. كان يوماً فاصلاً بين مرحلتين، وعنواناً لتحول استراتيجي طال انتظاره في مسار القضية الأولى لكل المغاربة.
في الحادي بعد الثلاثين من اكتوبر من العام ألفين وخمسة وعشرين، وبمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية، صوت مجلس الأمن الدولي بالأغلبية الساحقة، لصالح مشروع قرارٍ يؤيد مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، باعتبارها الحل الواقعي والوحيد القابل للتطبيق. هو ما يضع نقطة نهاية لمسار طويل من المناورات، استهدفت سيادة المغرب ووحدة ترابه. ما تحقق، كان طبعاً تتويجاً لعملٍ دبلوماسي هادئ وواثق يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس.
يوم تاريخي، وتصويت تاريخي، تلته كلمة للمندوب الأمريكي الذي قال بصريح الكلام بأن اقتراح المغرب الواقعي للحكم الذاتي، هو الوحيد الذي يقود للحل الدائم لهذا النزاع المفتعل.
لنبدأ الآن بتشكيل الصورة… رجاء، تخيلوا هذه الصورة. هي صورة حقيقية، عشنا جميعا لحظة التقاطها. أيها السادة، لم أكن جديا أكثر من هذه اللحظة. عاش المغرب، من طنجة إلى الكويرة، مع التحية لمندوب الجارة الشرقية الذي تناول الكلمة. لم يقل عيباً أمام كبار القوم كما جرت العادة، ولم يقل خيراً لأنه لا يعرف قول الخير أبداً. يد المغرب مع ذلك ممدودة، لأن المغرب كبير. مندوب الجارة الشرقية اضطرته الظروف أولاً لعدم المشاركة في التصويت، مادام صوته لا يهم في وقت الحساب، أو بالأحرى في يوم الحساب. اضطرته الظروف ثانياً لتناول الكلمة، وقول أشياء غير متناسقة، لا يمكنه هو نفسه أن يستوعب معناها.
هنيئاً لنا بهذا اليوم الكبير، وعاش الملك، وعاش الشعب المغربي العظيم. هذه الجملة هي باختصار صورة ما حدث.. هي صورة المغرب العظيم، وهذه الصورة ستتناقلها أجيال وأجيال. ترون الآن ذلك الفرق الكبير بين من يبني صورته بتأن، وبدون مزايدات؟
في خطابه التاريخي، يقول العاهل المغربي الملك محمد السادس: "بعد 50 سنة من التضحيات، ها نحن نبدأ بعون الله وتوفيقه فتحا جديدا في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل في إطار حل توافقي على أساس مباردة الحكم الذاتي". أعبر بهدوء، وأضيف مقتطفاً آخر من خطاب العاهل المغربي في يومينا التاريخي: "هناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده.. وحان وقت المغرب الموحد، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وعلى حدوده التاريخية". الصورة اكتملت هنا أيها السادة.. لا يمكن لأحد أن يضيف شيئاً، ولسنا بحاجة أصلا لأن نضيف شيئاً. الصورة واضحة أيها السادة.. هي صورة المغرب العظيم، والسلام.