تشهد مصالح التعمير بجماعة الدار البيضاء حالة غير مسبوقة من الارتباك الإداري، بعد توالي الاستقالات والإعفاءات داخل هذا القطاع الحيوي، مما ينذر بأزمة حقيقية في تدبير شؤون التعمير والممتلكات بالمدينة.

فقد توصلت العمدة «نبيلة ارميلي» باستقالة جواد الطيب الكتاني، المدير المعين حديثا على رأس مديرية التعمير والممتلكات والشؤون القانونية، مرفوقة برسالة من محمد شفيق بن كيران، نائب العمدة المكلف بقطاع التعمير، يعلن فيها عن إرجاع التفويض الممنوح له، وذلك ساعات فقط بعد إعفاء رئيس قسم التعمير والإسكان والممتلكات وتكليف موظفة بتدبير مهامه.

وتأتي هذه التطورات، حسب مصادر «أحداث أنفو»، في سياق احتقان داخلي بالمصالح التقنية، وسط توقعات باستقالات أخرى مرتقبة، إذ يرى عدد من الأطر أن ظروف الاشتغال لم تعد مواتية بسبب «الضغط الكبير وتعدد المتدخلين والخلط بين العمل الإداري والتدبير السياسي».
الكتاني، المهندس القادم من فرنسا، أرجع قراره إلى «اعتبارات مهنية وشخصية»، موضحا في رسالة استقالته التي توصلت بها الجريدة أن «شروط العمل لم تعد تسمح بأداء جيد للمهام الموكولة إليه».
من جانبه، أكد بن كيران أن قرار إرجاع التفويض جاء بعد «تراكم صعوبات مرتبطة بضعف الإمكانيات البشرية واللوجستية الضرورية لتأمين تدبير ناجح لهذا القطاع الاستراتيجي»، مضيفا أنه سبق أن نبه أكثر من مرة إلى هذه الإكراهات أملا في إيجاد حلول عملية.
وأشار إلى أنه اشتغل خلال فترة التفويض على تكوين فريق عمل متكامل تقنيا وقانونيا، غير أن تفكيك هذا الفريق عبر قرارات إدارية مست بعناصره الأساسية، من بينها إعفاء أحد المكلفين بقسم حيوي وتعويضه بموظفة سبق إحالتها على الموارد البشرية، تم دون استشارته، مما جعل «الاستمرار في المسؤولية أمرا صعبا من الناحية العملية والمؤسساتية والمعنوية».

وأضاف بن كيران أن هدفه يظل «صون المرفق العمومي وضمان استمرارية أدائه في أفضل الظروف» من خلال عودة العمدة إلى ممارسة اختصاصاتها الكاملة في مجال التعمير.

وفي أول تعليق من خارج المجلس، قال كريم السباعي، رئيس هيئة المهندسين المعماريين بجهة الدار البيضاء–سطات، في تصريح لـ"أحداث أنفو"، إن القطاع شهد في الآونة الأخيرة «تطورا إيجابيا في طريقة عمل الشباك الوحيد لدار الخدمات»، حيث ارتفع منسوب الشفافية واختفت الممارسات المعرقلة السابقة، بفضل كفاءة مهندسين شباب تولوا المهام الإدارية.

وأكد السباعي أن الهيئة «كانت تضع كامل الثقة في فريق التعمير بمجلس المدينة»، مشيرا إلى أن «التعامل معهم كان يتسم بالجدية والنزاهة، ولم نلاحظ منهم أي سلوك سلبي».

أزمة التعمير بالدار البيضاء تفتح الباب مجددا أمام تساؤلات حول طريقة تدبير هذا القطاع الاستراتيجي، ومدى قدرة المجلس الجماعي على استعادة توازنه الإداري وتثبيت الكفاءات التقنية لضمان استمرارية المشاريع الكبرى للعاصمة الاقتصادية.