أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، في خطابه السامي إلى الشعب المغربي، أن المملكة المغربية تستعد لإطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات الأممية حول قضية الصحراء، تقوم على تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب سنة 2007، لتُشكّل الأساس الوحيد للتفاوض تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة.
وقال جلالته إن هذا التحيين يأتي في سياق التحولات العميقة التي عرفها الملف بعد قرار مجلس الأمن الأخير، الذي اعتمد بشكل صريح المقترح المغربي كحلّ وحيد واقعي ودائم، مؤكداً أن المغرب سيتعامل مع المرحلة المقبلة برؤية أكثر وضوحًا ودقة في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات التي يتيحها الحكم الذاتي لسكان الأقاليم الجنوبية.
وشدد صاحب الجلالة على أن هذا التحوّل الأممي يُعدّ ثمرة تراكم دبلوماسي وشرعية تنموية حققها المغرب على الأرض، مذكّرًا بأن الأقاليم الجنوبية أصبحت نموذجًا متقدّمًا في التنمية والاستقرار، وأن الوقت حان للانتقال من مرحلة المبادرة إلى مرحلة التنفيذ الأممي في إطار احترام السيادة الوطنية.
وفي هذا السياق، وجّه جلالته شكره وتقديره إلى الدول الصديقة التي ساهمت في هذا التغيير التاريخي بمواقفها البنّاءة ومساعيها الدؤوبة، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، التي ساعدت جهودها في فتح الطريق نحو هذا الحل النهائي، إلى جانب فرنسا وبريطانيا وإسبانيا ودول عربية وإفريقية شقيقة عبّرت دائمًا عن دعمها اللامشروط لمغربية الصحراء.
الملك محمد السادس أكّد أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الأمثل لتجسيد مفهوم تقرير المصير في صيغته المعاصرة، لأنها تقوم على منح صلاحيات واسعة في التدبير المحلي ضمن سيادة الدولة ووحدتها الترابية، وهو ما يجعلها نموذجًا يحتذى به في تسوية النزاعات الإقليمية بطرق سلمية وتوافقية.
واعتبر جلالته أن مرحلة التفاوض الأممي الجديدة يجب أن تكون مرحلة الحسم السياسي النهائي، على قاعدة "حل لا غالب فيه ولا مغلوب”، لأن الهدف ليس الانتصار على طرف، بل تحقيق مصلحة الشعوب واستقرار المنطقة المغاربية بأكملها. وبهذه الرؤية الواقعية، يكون المغرب قد أعاد تحديد معايير الحل وفرض منطقه المشروع على المنتظم الدولي، واضعًا الأمم المتحدة أمام مسؤوليتها في تحويل القرار الأممي إلى مسار عملي للتسوية.