يجب أن تطرح بعض الوجوه على نفسها سؤال ارتباطها بالفشل في أي شيء وضعت فيه يدها، أو حشرت فيه نفسها.
يجب فعلا على بعض المتحدثة منذ القديم، من حملة شعار «أنا وحدي مضوي البلاد»، خصوصا من المنتمين لميدان الصحافة بالتباس، أن يسألوا أنفسهم «لماذا نخسر كل المعارك التي ندخلها؟ ولماذا لا نتوقف عن الكلام الكثير فيما الفعل منا قليل؟ ولماذا لا يتناسب حضورنا الفعلي في الواقع مع كل الكلام الكبير والخطير والمثير الذي نقوله في الصفحات والمجلات والمواقع؟».
نعرف أن هذا الأمر مستحيل، لأن هذه الوجوه، ومنذ نهاية تسعينيات القرن الماضي حين بزغت، ومرورا بلحظات بداية سنوات الألفين حين كانت المستفيد الوحيد من كل الدورات، وحتى غادرت المهنة والصحافة والبلد ولم تغادر الكلام، وصولا إلى لحظتنا الحالية التي عرت فيها نفس الوجوه في نفس اللحظة نفس القناع، (هذه الوجوه) لا تستطيع النقد الذاتي، ولا تتحمل سماع كلمة معارضة وحيدة لها، مع أنها (وهذه هي المفارقة الرائعة) تدعي أنها تمارس المعارضة الكبرى.
لكن ومع معرفتنا باستحالة الأمر، نعول على الشيب الذي غزا رؤوس هذه الوجوه والذي يدل على كبر في السن يجب أن يوازيه نظريا كبر في العقل أيضا، لكي يقنعها بضرورة مراجعة الخطوات كلها، منذ البدء وحتى الآن.
وأعترف، ونعترف جميعا، أننا عندما رأينا الخرجة المنسقة الأخيرة لهذه الوجوه كلها، فهمنا أن الخيط الناظم المحرك أمرها بتحرك (آخر وأخير) تثبت به ومن خلاله قدرتها على النجاح في شيء ما، ولو مرة واحدة في الحياة، أو تقدم من خلال الفشل الإضافي فيه، نعيها الأخير للجميع، وتنصرف بعدها إلى حال سبيلها لكي يمارس كل واحد منها في الميدان الذي تم زرعه فيه، أو تكليفه به، بعد الفرار من السفينة أول مرة، وتقديم الدليل على الاستعداد لهذا الفرار كل مرة والمرة بعد المرة، حياته أو ما تبقى منها.
لحسن حظ المغرب، ولسوء حظ الشلة، جاء النعي مدويا في فشله، لا لشيء إلا لأننا نحن المغاربة حسمنا النقاش منذ القديم باختصار شعبي بليغ يخبر الأجيال، من الألف إلى "الزيد" z، أن "النية وقلة النية ما كيتلاقاوش"، وأن الزبد، مثلما علمنا قرآننا الكريم، يذهب دائما جفاءا، فيما البقاء هو دائما حليف ما ينفع ومن ينفع الناس في الأرض.
الشلة إياها مجرد أعشاب ضارة، استهلاكها ولو حتى عن طريق التدخين، يضر بالصحة، الجسدية، وأساسا العقلية، وقد أحسن فعلا من ابتعدوا عنها منذ البدء، وقالوا "أبعد الله عنا وعنكم بلاء هؤلاء الأذكياء أكثر من القدر العادي حد السقوط بكل سهولة في النقيض، أي في الغباء".
عمن نتحدث يا قوم؟
عن لا شيء.
فعلا، نحن اليوم تحدثنا فقط عن اللا شيء، من أجل تذكيره وتذكير أنفسنا معه أنه لا شيء.
وعاش هذا البودكاست الشعبي المسمى "النبوغ المغربي" القادر على فضح وكشف الملتبسين، حيا ومتقدا إلى آخر الزمان.
فقط، لا غير.