برئاسة السيد إدريس الكراوي، انطلقت فعاليات الملتقى الخامس للجامعة المفتوحة للداخلة ومنتدى الجمعيات الإفريقية للذكاء الاقتصادي، وهو الحدث الذي شهد تكريم شخصيتين أكاديميتين أكفاء على المستوى الدولي.
حيث تمّ خلال الحفل الافتتاحي تتويج المسيرتين الغنيتين تتويجا بطريقة صحراوية محلية كلا من الفرنسي آلان جويي وهو الرئيس الشرفي للأكاديمية الفرنسية للذكاء الاقتصادي، والذي شغل عددا من المناصب السامية، والسنغالي آليوم سال وهو عضو أكاديمية المملكة المغربية، ورئيس معهد المستقبلات الإفريقية، وقد تسلّم المُكَرَّمَان شهادات التكريم وهما يرتديان "الدراعة الصحراوية" في لمسة رمزية تعكس عمق الانتماء والإشعاع الثقافي للمنطقة.
وفي سابقة من نوعها، أعلن السيد إدريس الكراوي عن منح درجة الدكتوراه الفخرية Honoris Causa للمُكَرَّمَين، قائلاً: "هذه المرة الأولى منذ تأسيس الجامعة التي نمنح فيها هذه الشهادة الرفيعة لشخصيتين بارزتين، عرفنا بمسيرتهما الغنية ومساهمتهما المتميزة في قضايا التنمية بإفريقيا والعالم، وعملهما الدؤوب لتعزيز الشراكة بين بلديهما والمملكة المغربية، ودعمهما لإشعاع الجامعة المفتوحة للداخلة، ومن خلالها أقاليمنا الجنوبية".
وعبّر الضيفان عن امتنانهما العميق بهذا التقدير. وقال آلان جويي: "سيظل هذا التكريم راسخًا في ذاكرتي، وهو يلامس مشاعري بصدق لما يعرفه الجميع من ارتباطي العميق بالمغرب وإفريقيا التي عملت فيها طويلا"، وأقمت فيها علاقات متعددة مع بلدانها وأبنائها، وتابع المتحدث ذاته بإيمان راسخ: "أنا أؤمن فعلًا بالقيم التي تحملها هذه القارة، وخاصة المملكة المغربية، قيم أصيلة وأساسية تمثل علامات مضيئة في هذا العالم المضطرب الذي نعيش فيه اليوم”.
وانعقد هذا الملتقى الدولي حول موضوع راهنيّ، بعنوان: "الذكاء الاقتصادي والإقلاع الإفريقي المشترك، أية أدوار لأفارقة العالم؟"، وفي تحليلٍ دقيق، سلّط السيد الكراوي الضوء على حجم وقوة الجالية الإفريقية مستندا إلى تقديرات الاتحاد الإفريقي والبنك الإفريقي للتنمية. وأوضح أن عدد المهاجرين الأفارقة خارج القارة يتراوح بين 22 و25 مليوناً، ليصل العدد إلى ما بين 150 و200 مليون إذا أضفنا أحفاد العبيد في الأمريكيتين والكاريبي وأوروبا، مما يجعلها "ثالث أكبر جالية في العالم" بعد الصينية والهندية، وأشار إلى أن هذه الجالية تتوزع بشكل غير متكافئ حول العالم، مع وجود 11 مليوناً في أوروبا (بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا)، و 3 ملايين في أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، و 5 ملايين في آسيا (دول الخليج بشكل رئيسي)، وجزء كبير من الهجرة داخل القارة ذاتها، حيث يقيم نحو 7.6 مليون في غرب إفريقيا (نيجيريا، كوت ديفوار، غانا).
ومن جهته، قدّم آلان جويي رؤية استشرافية لمفهوم الذكاء الاقتصادي، موضحاً مساره التاريخي الذي انطلق من الولايات المتحدة إلى أوروبا، ثم شمال إفريقيا، قبل أن ينتشر في عموم القارة. مؤكداً أنه أصبح "أداة أساسية في صياغة سياسات الدول وإستراتيجياتها"، ولم يعد مقتصرا حصرا فقط على الجامعات والشركات، وشدد جويي على أن الذكاء الاقتصادي يمثل "أحد مفاتيح تنمية إفريقيا المستقبلية"، معتبراً أن ميزة القارة السمراء أنها تتبنى هذا المجال في وقت تشهد فيه نهوضاً كبيراً، "وهو ما سيُمكّنها من التقدم بسرعة وكفاءة عالية".
وختم جويي كلمته بتصريح قوي يلخص الرؤية المستقبلية للملتقى: "مستقبل العالم سيتشكل في إفريقيا، وهي التي ستحمل راية التنمية والتجديد"