تحتضن كلية العلوم القانونية والاقتصادية أكدال بالرباط غدا الجمعة مناقشة أطروحة للدكتوراه من إعداد الباحثة سلوى السوماتي، بعنوان «التحولات المجتمعية والظاهرة الإرهابية بالمغرب بعد أحداث 16 ماي 2003: دراسة في العلاقة السببية».

وتتناول الباحثة بالدراسة والتحليل السياقات المتعددة التي ساهمت في صعود الظاهرة الإرهابية بالمغرب. وقد انطلقت من اعتبار أنّ أحداث الدار البيضاء لسنة 2003 شكّلت لحظة مفصلية في الوعي الجماعي والسياسات العمومية، إذ لم تكن مجرد عمليات معزولة، بل نتاج تحولات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية متشابكة، أنتجت بيئة قابلة لتفريخ العنف والتطرف.

ترصد الأطروحة، في بعد أول، البنيات السوسيو–اقتصادية التي وفّرت قاعدة حاضنة للتطرف، وفي مقدمتها الفقر والبطالة، حيث يظهر من خلال دراسة بروفايلات منفذي العمليات الإرهابية أنّ هؤلاء جاؤوا من أوساط مهمشة، تفتقر إلى فرص الإدماج الاقتصادي والاجتماعي. وقد مثّلت البطالة الطويلة الأمد، مع هشاشة الأوضاع المعيشية، عاملًا أساسيًا في تعميق الشعور بالإقصاء والحرمان، وهو ما مهّد الأرضية لتبنّي خطاب العنف.

وفي بعد ثانٍ، تسعى الأطروحة إلى رسم جينالوجيا الإرهاب عبر مقاربة سوسيولوجية تضع الأسرة والحي السكني في قلب التحليل. فقد شكّلت فضاءات مثل كاريان طوما وجامع المزواق وسيدي موسى بيئات اجتماعية متصدعة، يغلب عليها طابع الهشاشة العمرانية، وضعف البنيات التحتية، وغياب التأطير المؤسسي. هذه الأحياء الشعبية الهامشية تحوّلت إلى مختبرات إنتاج اجتماعي للعنف، حيث تضافرت عوامل التهميش والفقر مع شبكات غير رسمية للانتماء الاجتماعي والديني.

على المستوى الثقافي، تكشف الأطروحة عن الدور المتنامي لـالرقمنة والدعاية الرقمية في نشر الأفكار المتطرفة، خاصة في مرحلة ما بعد 2003، حيث أضحى الإنترنت فضاءً للتجنيد الافتراضي ونشر خطاب الكراهية، مما أضاف بعدًا جديدًا لظاهرة الإرهاب، يقوم على عولمة الرسائل واختراق الحدود. كما يحضر البعد التعليمي كعامل مؤثر، إذ يظهر أن غياب منظومة تربوية قادرة على غرس قيم المواطنة والتفكير النقدي ساهم في ترك فراغ تستغله التنظيمات المتطرفة لنشر سردياتها.

تستنج الأطروحة أنّ مقاربة أمنية محضة، رغم أهميتها في كبح الظاهرة، تبقى عاجزة عن معالجتها من جذورها. لذا تؤكد على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية تدمج الأمن بالتنمية والتعليم، وتعيد الاعتبار للسياسات الاجتماعية والاقتصادية الموجهة للفئات الهشة. كما تبرز الحاجة إلى الاهتمام بـالأبعاد الطوبوغرافية والاجتماعية للأحياء الشعبية، حيث يشكّل النسيج العمراني غير المنظم أحد العوامل التي تغذّي الإقصاء والتهميش وتضعف فرص الاندماج.

وتتكون لجنة المناقشة من الأساتذة: محمد الغالي رئيسا وعبدالرحيم المنار اسليمي عوضا ومشرفا بالإضافة إلى الأساتذة أعضاء اللجنة: المصطفى الرزرازي وكمال الهشومي وعبدالنبي صبري ومحمد الطيار ونورالدين لشهب.