ليس فينا شخص واحد، ولا جهة واحدة، يمكن اليوم أن يخرجا إلى المغاربة بوجه مكشوف، ويدعيا أنهما غير مسؤولان عن الانفلات الذي وقع في احتجاجات "جيل زيد". 

لذلك لا مجال إطلاقا لأي مزايدات من أي كان على أي كان. 

نحن جميعا مسؤولون عن العنف الأعمى والجاهل الذي رأيناه في وجدة، وفي إنزكان، وفي آيت عميرة التي اكتشف بعضنا وجودها فقط مع هذه الانفلاتات. 

نحن جميعا مسؤولون. 

ومن يحاول التهرب من المسؤولية بإلقاء تبعاتها على الآخرين، في محاولة لإنقاذ نفسه، جبان، ورعديد، وليس مغربيا على الإطلاق. 

إعلامنا مسؤول. 

أحزابنا مسؤولة. 

حكومتنا مسؤولة. 

شبابنا أيضا مسؤول. 

والسؤال اليوم هو: ما العمل من أجل المستقبل؟ وهل لازال ممكنا تدارك هذه الفجوة المحزنة وهذا الشرخ العميق بين جزء من المغرب وبين جزء آخر؟ 

معتقدنا، بل إيماننا القطعي أن نعم. 

نعم، شريطة عديد الأشياء، في مقدمتها الاتفاق مجددا على أننا يجب أن نشرع في الاستماع لبعضنا البعض، وبعدها لن يكون إلا الخير. 

قمة مشاكلنا اليوم في المغرب هو أن كل حزب لما لديهم فرحون، وكل جهة منا تتحدث مع الجهة التي توافق هواها، وجميعنا - دون أي استثناء - نعتبر الأصوات القادمة من الآخرين هي الجحيم. 

مشكل تواصل فعلي يجعل جيلا بأكمله يصدح منذ سنوات بكل ما يعانيه دون أن نستطيع فك طلاسم ما يقوله. 

اهتدت طبقة سياسية قديمة إلى حل عجيب لسوء الفهم هذا: أن تعتبره غير موجود، وأن تواصل المسير بنفس الطريقة، ونفس الأسلوب، ونفس الأخطاء، ونفس الكوارث.

اليوم قال لنا هذا الجيل الكلام الذي يقوله منذ سنوات بطريقة أخرى: أوضح، أعنف، أسوء. المهم، قال كلامه والسلام. 

والرسالة وصلت. 

بل هي وصلت أكثر مما يعتقد البعض ممن يعول على مرور الساعات والأيام والأسابيع والشهور لكي نعود إلى نقطة الصفر. 

لا، غير ممكن. باسم مغرب المستقبل هذا الأمر مستحيل وغير ممكن. 

ذلك أننا عشنا ورأينا وسمعنا صوت الجيل الجديد، بل الأجيال الجديدة، وفهمنا أنه من المستحيل الاستمرار على المنوال ذاته، والحديث بالطريقة ذاتها، والتجاهل بالأسلوب ذاته. 

العنف غير مقبول، بل هو مجرم، ويجب أن يعاقب المتورطون فيه، لأنهم مسوا أملاكا خاصة وعامة، وروعوا مواطنين مثلهم، وأساؤوا لصورة بلد هو بلدهم في نهاية المطاف. 

التظاهر السلمي بالمقابل يضمنه الدستور. 

احترام القانون أمر مشترك مفروض علينا جميعا. 

التفكير في مستقبل المغرب، مغربنا جميعا، فرض عين على كل واحد منا ولا يمكن التنصل منه. 

التخلص من قدماء المحاربين لمصلحتهم ومصلحة ذويهم وأعضاء جيش التبرير، واجب علينا إذا ما أردنا مواجهة المستقبل وأجياله بكل حروفها التي ستتغير، والتي سيلزمنا كلما تغيرت أن نجد جوابا جديدا وحقيقيا يليق بتطورها وتغيرها وتجددها.

نعم، شعرنا بحزن شديد ونحن نرى الإجرام باسم التظاهر أول أمس، لكن قلنا إنها أقل الأضرار وأضعف الإيمان لكي يقتنع من يصرون على المكابرة أن زمنهم قد فات، وأن الزمن اليوم هو زمن المغرب الجديد. 

المغربالجديد،أولنقل: المغرب،وكفى،ففخامةهذاالاسمتكفي،والأيامبيننامجدداللتدليلعلىهذاالأمر،مهماكذبعليكمالكاذبون