أفاد هشام عبود، الصحفي الجزائري المقيم في فرنسا هربا من عسكر بلاده، أن كل من عبر عن رأي مخالف للنظام بالجزائر يصبح معرضا للاعتقال والتنكيل والسجن.
وأضاف المتحدث، خلال الندوة التي نظمها المعهد العالي للصحافة والاتصال أمس بالدار البيضاء لتقديم كتابه "جزائر العرايا"، أن النظام الحاكم يتابع مئات من منتقديه في عدد من الدول الأوروبية، منها فرنسا التي لم تتدخل للدفاع عن بعض من يحملون جنسيتها، رغم كونهم ينتقدون الوضع في الجزائر وليسوا معارضين.
وفي هذا الصدد قال: "بوعلام صنصال لم يكن يومًا معارضًا، وأتحدى من يقول غير ذلك أن يأتي بحوار أو تصريح يعبر فيه عن رأي معارض، وإنما أجرى مقابلة مع قناة 'Frontières' على يوتيوب، وهي قناة صغيرة وغير معروفة ولم يستمع له أحد، ومع ذلك تم اعتقاله بمجرد دخوله التراب الجزائري لأنه عبر عن شكوكه حول شرعية الحدود التاريخية للدولة الجزائرية، وأشار إلى أن جزءًا من الأراضي الجزائرية، من وجهة نظر تاريخية، يعود إلى المغرب".
وطالبت النيابة العامة الجزائرية بمحكمة الجنح في الدار البيضاء بعاصمة الجزائر، بعقوبة عشر سنوات حبسا نافذاً وغرامة مالية بمليون دينار جزائري، بتهم تتعلق بالمساس بوحدة الوطن، وإهانة هيئة نظامية، والإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة منشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني.
وفي ما يتعلق بوضعه الخاص، أوضح عبود أنه ليس معارضًا لأنه لا ينتمي لأي حزب أو حركة معارضة، بل هو صوت مستقل يفضح الحقائق عن النظام الجزائري المستبد، على حد تعبيره.
وأفاد أنه تعرض لمحاولات اغتيال عبر تسميمه ومحاولات اختطاف، فضلاً عن تحقيقات مثيرة قادتها الشرطة الفرنسية بمساعدة جهاز مكافحة الإرهاب الداخلي، الذي كشف تفاصيل خيوط المؤامرات بحجم 7200 صفحة.
وأشار عبود إلى الحراك الشعبي في الجزائر وأثره على النظام، حيث ذكر المغنية جميلة بن طويس، التي كانت من الأصوات المعارضة، لكن النظام تعامل معها بقسوة شديدة وصلت إلى السجن، لأنها غنت للحراك الشعبي.
وفي الإطار ذاته، قال عبود إن النظام الجزائري يعمل ما بوسعه لإخفاء الحقيقة وتشويه صورة المعارضين، سواء الذين ينتمون إلى الحراك أو حتى من هم خارج اللعبة السياسية التقليدية.
وفي هذا الصدد، ذكر أيضًا حالة "أمير ديز" الذي تم اختطافه رغم عدم انتمائه لأي جهة سياسية، إضافة إلى الكاتب "كمال داود" الذي رغم عمله الموثق والصريح، عانى من ملاحقات قضائية بسبب نشره حقائق عن الإرهاب في التسعينيات، رغم علاقته بالرؤساء وعدم كونه معارضًا تقليديًا.
وأكد أن القضاء في الجزائر يستخدم كأداة سياسية للقمع والتنكيل، وأن هناك محاولات مستمرة لترهيب كل من يسعى للكشف عن الحقيقة، سواء في الداخل الجزائري أو في المهجر.
وشدد عبود على أن الشعب الجزائري هو العدو الأساسي للنظام، لأن الأخير رفض منح الشرعية التي يحتاجها لاستمراره.
وأبرز أن هذا الرفض المتكرر، المتمثل في مقاطعة الانتخابات بكل صورها، يُعد "الطلاق بالثلاث" للنظام، حيث يقطع الشعب جميع أشكال الدعم والتأييد للنظام، الأمر الذي يؤكد عمق أزمة الشرعية السياسية التي يعاني منها الحكم.
وشدد على أن هذه المقاطعة السياسية تشكل تجسيدًا لقطيعة دائمة بين النظام والشعب، حيث فشلت سياسة الحكم في كسب ثقة الشعب الذي يرى أن النظام لا يسعى حقًا لتحصيل شرعية حقيقية من خلال احترام إرادة المواطن، بل يكتفي بإجراءات شكلية لا تغير الواقع السياسي ولا تعكس مطالب المواطنين.
وحسب عبود، يشكل النظام الجزائري خطرًا ليس فقط على شعبه، بل على المنطقة بأسرها، خاصة من خلال محاولاته اللعب على وتر الخوف من الإرهاب والخطرين الداخلي والخارجي.
وأردف موضحًا أن النظام يعتبر كل من ينتقده أو يفضحه عدوًا، مبرزًا أن الأعداء الحقيقيين للوطن هم الذين يحاولون فرض النظام الحاكم والانغلاق على إرادة الشعب، في حين أن الشعب الجزائري الذي يحب بلاده هو الذي ينتقد النظام ويفضح أخطائه.
وخلص إلى أن الأزمة التي تعيشها الجزائر عميقة، لدرجة أنها ليست فقط سياسية، بل أزمة ثقة وشرعية بين الشعب والنظام الحاكم، مما يجعل المستقبل السياسي للبلاد في حالة تأرجح وخطر.