نقطة "نظام..جزائري" !!!

لنتفق قبل البدء، وبعده، ألا مشكل لدينا في المغرب في التظاهر حول كل شيء، وحول بعض الشيء، وحتى حول اللاشيء أحيانا.

نحن بلد مارس التطبيع مع الديمقراطية، بمختلف مظاهرها ومع حق التظاهر السلمي منذ سنوات بعيدة، وتخلص من كل العقد التي تكبل جيرانه في المنطقة في هذا الموضوع. وحتى الاختلاف حول طلب الترخيص للوقفات والمظاهرات، ومدى احترامه، ومايترتب عنه قانونا بعد ذلك هو اختلاف ندبره بحكمتنا المغربية المعروفة ونمضي، لذلك لا إشكال إطلاقا، مهما حاول إقناعكم من يرسمون بالطبشور الأسود اللوحة والبرواز بالعكس.

بالمقابل لدينا مشكل كبير وإشكال أكبر أن يتحدث التلفزيون الجزائري عن الديمقراطية في المغرب، مثلما حدث ليلة الأحد الماضي.

حصة تلفزيونية طويلة عريضة (ومضحكة في الوقت ذاته) ابتدأت ولم تنته، خصصها "الزملاء" في تلفزيون الدولة الجار للحديث عما أسموه (جازاهم الله نظير فعلهم) "انتفاضة الشعب المغربي"، وأعادوا خلالها بث صور الأنترنيت لخرجات شباب "جينيراسيون زيد" هنا لدينا، واستدلوا بها لكي يصلوا إلى خلاصة مكتوبة لديهم قبل أن يبدأ البرنامج، وهي أننا في المغرب….ضعنا، والسلام.

أمام برنامج مثل هذا، وموقف مثل هذا، وتلفزيون مثل هذا، بل وبلد مثل هذا الذي يسمى الجزائر، وهو يتحدث عن الديمقراطية وحق التظاهر، ما الذي يمكنك أن تفعله حقا غير أن تصاب بعد الضحك بمختلف نوبات الجنون؟

لاشيء.

هذا البلد يمنع منذ عشريته السوداء التي قتل فيها الجزائريون الجزائريين أي شيء إسمه التظاهر في الساحات.

هذا بلد يفرض عليك، وهو يسمي نفسه من دول الممانعة، إذا أردت التضامن مع غزة أن تعطي إسمك وإسم قبيلتك وإسم سلسفيل أجدادك إلى كل الثكنات العسكرية الموجودة هناك، ويوافق على التظاهر، لكن داخل قاعة مغلقة، ولأجل زمني محدد.

هذا بلد يعتبر الديمقراطية كفرا، ويعين جنرالاته باستمرار رئيسا صوريا لكي يحكم ظاهريا، وعندما يرفض الامتثال لتعليماتهم، مثل الراحل بوضياف رحمه الله، يقتلونه في المباشر، ويقولون "ماشي حنا".

هذا بلد يقول لمن يريد التضامن مع فلسطين على ترابه "الرئيس عنك وقام ويقوم بالواجب، لذلك اذهب إلى النوم وإلا وضعناك قرب بوعلام سنصال".

نحن هنا في المغرب، لدينا أناس خرجوا منذ 7 أكتوبر 2023 إلى الساحات في مختلف المدن للتضامن مع فلسطين، ونسوا أن يعودوا إلى منازلهم، ونسوا عائلاتهم ووظائفهم، ولا أحد يقول لهم أي شيء.

بالعكس، عندما يغامر واحد منهم، ويركب في باخرة ما، ويتيه في بلد ما ويصبح مهاجرا سريا، تسترجعه المصالح الديبلوماسية المغربية، وتواصل العمل بهدوء.

لذلك لايمكن أن نقبل دروسا في الديمقراطية والتظاهر والمظاهرات من بلد تبون وشنقريحة والبقية.

هذه صعبة علينا، و "ماتبغيهاش حتى لعدوك".

يكفينا للتدليل على صبرنا الخرافي، نحن شعب المغرب، أننا نسمع الدروس من كل مكان ومن كل جمعية ومن كل منظمة ومن كل تنظيم في العالم، ولانقول شيئا، بل نستفيد ونردد آمين، ونمضي.

أما من الجزائر..ومن بلد بنظام مثل النظام الجزائري فلا وألف لا.

"خايبة حتى للتعاويد آلخو"، لذلك علينا الانتباه جيدا لكل مانفعله في أي ضفة كنا، وعلينا حقا تفويت الفرصة على هؤلاء الحالمين لنا بالكوابيس، فلدينا حقد في الشرق قاتل يريد أن يرانا في حال تشبه حاله أو أسوأ، وذلك مالن يكون بإذن الله أبدا.

كونوا على اليقين من ذلك.