تأتي خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنهاء الصراع في غزة في لحظة مشحونة بالدماء والدموع، حيث لا تزال الحرب الدائرة تخلف كلفة إنسانية باهظة ومعاناة متواصلة لسكان القطاع. الخطة، التي توصف بالشاملة، تحاول أن تجمع بين وقف فوري للعمليات العسكرية وإطلاق مسار سياسي وأمني واقتصادي جديد، يضع غزة على سكة مغايرة تمامًا لما عرفته طوال العقود الماضية.

ويستند التصور إلى مقاربة متعددة الأبعاد، تبدأ من إرساء هدنة آمنة تضمن تبادل الأسرى وعودة الرهائن، وصولاً إلى إعادة إعمار القطاع عبر آليات دولية، مع رسم ملامح إدارة انتقالية مؤقتة تُشرف عليها لجنة فلسطينية تكنوقراطية تحت غطاء دولي. غير أن الخطة لا تقف عند حدود معالجة التداعيات الإنسانية والأمنية فقط، بل تفتح الباب أيضاً لآفاق اقتصادية واعدة وحوار سياسي طويل الأمد، يحمل في طياته إمكانية فتح الطريق نحو تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.

وهذه خطة ترامب كما اطلعت عليها منابر اعلامية امريكية قبل ساعات.

‏1. ستصبح غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب ولا تشكّل تهديدًا لجيرانها.

‏2. ستُعاد تنمية غزة لصالح سكانها الذين عانوا بما فيه الكفاية.

‏3. إذا وافق الطرفان على هذا المقترح، ستنتهي الحرب فورًا. ستنسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لعملية تبادل الأسرى. خلال هذه الفترة ستُعلّق كل العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي، وستبقى خطوط القتال مجمّدة حتى تُستوفى شروط الانسحاب المرحلي الكامل.

‏4. خلال 72 ساعة من إعلان إسرائيل قبول هذا الاتفاق، سيُعاد جميع الرهائن أحياءً وأمواتًا.

‏5. بعد الإفراج عن كل الرهائن، ستُفرج إسرائيل عن 250 سجينًا محكومًا بالمؤبد، إضافة إلى 1700 معتقل من غزة بعد 7 أكتوبر 2023، بمن فيهم جميع النساء والأطفال المعتقلين في ذلك السياق. وعن كل أسير إسرائيلي يُعاد جثمانه، ستُعيد إسرائيل رفات 15 فلسطينيًا.

 

‏6. بعد عودة كل الرهائن، سيُمنح أعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي والتخلّي عن السلاح عفوًا عامًا. ومن يرغب منهم بمغادرة غزة ستُؤمَّن له ممرات آمنة إلى دول مستقبلة.

‏7. عند قبول الاتفاق، ستدخل المساعدات فورًا إلى غزة، على أن تكون بكميات لا تقل عن ما ورد في اتفاق 19 يناير 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، وتشمل إعادة تأهيل البنية التحتية (مياه، كهرباء، صرف صحي)، والمستشفيات والأفران، ودخول المعدات اللازمة لإزالة الركام وفتح الطرق.

‏8. سيجري إدخال المساعدات وتوزيعها عبر الأمم المتحدة ووكالاتها، والهلال الأحمر، ومؤسسات دولية أخرى محايدة، دون تدخل من الطرفين. وسيخضع فتح معبر رفح بالاتجاهين للآلية نفسها التي طُبّقت بموجب اتفاق 19 يناير 2025.

‏9. ستدار غزة مؤقتًا عبر لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، مسؤولة عن الخدمات العامة والبلديات، تضم خبراء فلسطينيين ودوليين، تحت إشراف "مجلس السلام”، هيئة انتقالية دولية يرأسها الرئيس دونالد ج. ترامب مع قادة آخرين سيُعلن عنهم، بينهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وستضع هذه الهيئة الإطار والتمويل لإعادة إعمار غزة حتى استكمال إصلاح السلطة الفلسطينية وتمكّنها من استعادة السيطرة على القطاع.

‏10. سيُطلق ترامب خطة اقتصادية لإعادة بناء غزة عبر لجنة من خبراء ساهموا في بناء مدن حديثة مزدهرة في الشرق الأوسط، مع دراسة كل المقترحات الاستثمارية الجادة التي يمكن أن توفر فرص عمل وأملًا لمستقبل غزة.

‏11. ستُنشأ منطقة اقتصادية خاصة مع تفضيلات جمركية وإمكانية دخول ميسّر بالتفاوض مع الدول المشاركة.

‏12. لن يُجبر أحد على مغادرة غزة، ومن يرغب بالمغادرة سيكون حرًا في العودة لاحقًا. وسيُشجَّع السكان على البقاء والمشاركة في بناء غزة جديدة.

‏13. ستلتزم حماس والفصائل بعدم لعب أي دور في حكم غزة، مباشرة أو غير مباشرة. وستُدمّر البنية التحتية العسكرية والهجومية، بما فيها الأنفاق ومصانع السلاح، ولن يُعاد بناؤها. وسيجري نزع سلاح غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، مع برامج شراء السلاح وإعادة دمج المقاتلين بتمويل دولي.

‏14. ستقدّم الدول الإقليمية ضمانات لضمان التزام حماس والفصائل بتعهداتها وأن غزة الجديدة لا تشكّل خطرًا على جيرانها أو أهلها.

‏15. ستعمل الولايات المتحدة مع شركاء عرب ودوليين لتشكيل "قوة استقرار دولية” تُنشر فورًا في غزة لتدريب ودعم قوات شرطة فلسطينية مختارة، بالتشاور مع مصر والأردن. وستتعاون هذه القوة مع إسرائيل ومصر لتأمين الحدود ومنع دخول السلاح وتسهيل تدفق المساعدات.

‏16. لن تحتل إسرائيل غزة ولن تضمها. ومع استقرار سيطرة قوة الاستقرار الدولية، ستنسحب قوات الجيش الإسرائيلي وفق معايير وجدول زمني متفق عليه، مع بقاء وجود أمني محيط حتى ضمان خلو غزة من أي تهديد إرهابي متجدد.

‏17. إذا رفضت حماس المقترح أو عطّلته، ستُنفذ البنود أعلاه، بما في ذلك المساعدات الموسعة، في المناطق الخالية من الإرهاب التي تنتقل من الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية.

‏18. سيُنشأ حوار ديني مشترك يقوم على قيم التسامح والتعايش السلمي لتغيير العقليات والسرديات بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر إبراز فوائد السلام.

‏19. مع تقدم إعادة إعمار غزة وتنفيذ إصلاحات السلطة الفلسطينية بجدية، قد تتوفر أخيرًا شروط طريق موثوق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية، وهو ما تعترف به الولايات المتحدة كتطلّع مشروع للشعب الفلسطيني.

‏20. ستؤسس الولايات المتحدة حوارًا بين إسرائيل والفلسطينيين للتوافق على أفق سياسي للتعايش السلمي والازدهار المشترك.

غير أن هذه الخطة، على طموحها، تثير تساؤلات كبيرة حول مدى واقعيتها وإمكانية تنفيذها على الأرض، خاصة في ظل انعدام الثقة بين الأطراف وتعدد المصالح المتشابكة في الإقليم. وبين من يراها فرصة أخيرة لإنقاذ غزة ومن يعتبرها محاولة لإعادة إنتاج مقاربات سابقة فشلت، يبقى مصيرها رهينًا بمدى استعداد الفاعلين للانخراط في مسار سلام حقيقي، يضع مصلحة الإنسان الفلسطيني في صدارة الأولويات.