وسط تحديات كبيرة، انطلق الدخول المدرسي بجهة الدار البيضاء - سطات، فرغم الصعوبات المتعددة، من نقص في الأطر التربوية والإدارية، والاكتظاظ، وضعف البنيات التحتية، وضعف التعليم الأولي الذي فُوّض لجمعيات بعضها غير مؤهل، مما يثير قلق الأسر، اختارت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين شعار: "من أجل مدرسة ذات جودة". هذا الشعار يثير عدة تساؤلات، أبرزها: هل سينجح المهندس محمد ديب، مدير الأكاديمية، برفقة فريقه في مواجهة التحديات المطروحة، لتحسين وتطوير البنية التحتية للمدارس، وتوفير المزيد من الموارد التعليمية، وتحسين نوعية التعليم، وتبني أساليب تعليمية حديثة ومبتكرة؟
أعطت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء – سطات، انطلاقة الدخول المدرسي للموسم الدراسي 2025-2026 يوم الاثنين 8 شتنبر 2025 بجميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية بالجهة، تحت شعار "من أجل مدرسة ذات جودة"، تجسيدًا للجهود الوطنية المتواصلة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وتنفيذًا لتوجهات خارطة الطريق 2022-2026 ومقرر وزير التربية الوطنية لتنظيم الحياة الدراسية وتأمين انطلاق الموسم الدراسي.
وفي تصريح لموقع "أحداث أنفو"، أفاد محمد ديب، مدير الأكاديمية، أن عدد التلميذات والتلاميذ الذين التحقوا بمقاعد الدراسة بالجهة خلال هذا الموسم بلغ 1,624,386 تلميذًا وتلميذة، منهم 474,338 ينتمون إلى الوسط القروي.
وأضاف أن عدد التلاميذ في التعليم العمومي بلغ 1,211,083 موزعين على 1901 مؤسسة تعليمية، كما يُرتقب أن يبلغ عدد المسجلين الجدد في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي حوالي 90,840 تلميذًا. وأرجع ديب هذا الارتفاع في أعداد المتمدرسين إلى المجهودات المبذولة على مستوى تأهيل وتوسيع العرض التربوي، والتي توجت بافتتاح 44 مؤسسة تعليمية جديدة، مما ساهم في تعزيز الطاقة الاستيعابية للمنظومة وضمان التحاق التلاميذ بمقاعدهم في ظروف تربوية ملائمة. توزعت المؤسسات الجديدة بين 20 مدرسة ابتدائية، و14 ثانوية إعدادية، و10 ثانويات تأهيلية.
وأوضح ديب أن عدد المؤسسات التعليمية بالجهة بلغ 1,208 مدرسة ابتدائية منها 19 مدرسة جماعاتية، و415 ثانوية إعدادية، و278 ثانوية تأهيلية.
وعلى مستوى الموارد البشرية، أعلنت الأكاديمية أن عدد الأساتذة بالمؤسسات التعليمية مع بداية الدخول المدرسي بلغ 47,801 منهم 2,078 خريجًا جديدًا، كما يبلغ عدد المفتشين 363 منهم 30 خريجًا جديدًا، فيما بلغ عدد المختصين 918 منهم 217 من المعينين الجدد.
لإنجاح الدخول المدرسي وتنزيل برامج الإصلاح التربوي التي تحقق الأهداف الاستراتيجية لخارطة الطريق، وفي مقدمتها تعزيز التحكم في التعلمات الأساسية، وتنمية قيم التفتح والمواطنة لدى التلاميذ، والتقليص الجذري للهدر المدرسي، أوضح محمد ديب أن الأكاديمية وضعت خطة متعددة الأبعاد تتضمن إجراءات لتعبئة الشركاء والفاعلين حول الإصلاح، وتوسيع انخراطهم لتحقيق الأهداف المرجوة، وعلى رأسها رهان مدرسة الجودة.
أكد المسؤول التربوي أن الأكاديمية تواصل تنفيذ خطة تطوير منظومة التعليم للموسم 2025-2026، مع التركيز على تعميم التعليم الأولي وتحسين جودته ليستفيد منه حوالي 207,604 أطفال بنسبة تغطية تصل إلى 80%، تحت إشراف 10,940 مربية ومربيًا.
وفي إطار التعميم التدريجي، تم إضافة 288 مؤسسة رائدة جديدة في السلك الابتدائي ليصل عددها إلى 665 مؤسسة، وتوسيع شبكة مؤسسات الريادة في السلك الثانوي الإعدادي بإضافة 88 مؤسسة ليبلغ عددها 121.
وبخصوص تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، بلغت نسبة تدريسها في جهة الدار البيضاء سطات 60% في المؤسسات الابتدائية، بينما تشمل تعميم تدريس اللغة الإنجليزية نسبة 98% في السلك الإعدادي.
هذا الموسم الدراسي شهد أيضًا تعميم مشروع المؤسسة المندمج لتحسين جودة التعلمات بنسبة 100%، بالإضافة إلى تعزيز الدعم الاجتماعي لمحاربة الهدر المدرسي من خلال إحداث داخليتين جديدتين بطاقة استيعابية 240 سريرًا، ليصل عدد الداخليات إلى 83 تستفيد منها 24,000 تلميذ وتلميذة، كما تم تعزيز أسطول النقل المدرسي بـ100 حافلة جديدة ليصل مجموع الحافلات إلى 1,400.
وفي إطار دعم الفئات الهشة، تم توسيع شبكة المؤسسات الدامجة إلى 1,283 مؤسسة مخصصة لدعم المتعلمين من ذوي الهمم، فضلاً عن مواصلة توسعة مراكز الفرصة الثانية الجيل الجديد المرتبطة بالمؤسسات التعليمية الإعدادية، حيث بلغ عدد هذه المراكز 31 مركزًا، إضافة إلى 26 مركزًا داخل المؤسسات، يستفيد منها 1,852 تلميذًا، من بينهم 1,595 مستفيدًا من المنح، بطاقة إجمالية تصل إلى 3,312 مستفيدًا.
وشدد المصدر على أن هذه الإجراءات جاءت في إطار حرص الأكاديمية على تعزيز جودة التعليم، تكافؤ الفرص، ومحاربة الهدر لضمان استمرار التلاميذ في مسارهم التعليمي بنجاح.
شدّد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدار البيضاء سطات على أهمية تعبئة الجهود الجماعية لمواجهة التحديات التي تعترض القطاع التعليمي، مؤكّدًا أن الرهان الحقيقي يتمثل في الارتقاء بجودة الخدمات وتحسين طرق التدبير.
وفي ردّه على سؤال لموقع "أحداث أنفو" حول الإكراهات التي واجهت الدخول المدرسي 2025-2026، مثل غياب بعض المقررات الدراسية والاكتظاظ ونقص الأطر التربوية، أشار إلى أن المرحلة الراهنة تستدعي مسؤولية مشتركة بين جميع الفاعلين في قطاع التربية الوطنية، والمسؤولين الترابيين، المنتخبين، والمجتمع المدني، لتنزيل البرامج التنفيذية على أرض الواقع.
وذكر ديب أن النتائج الإيجابية على مدى السنوات الأخيرة تعكس دينامية جديدة، لكنها تطرح بالوقت نفسه أسئلة جوهرية حول الاستمرارية وضمان العدالة المجالية في الاستفادة من المشاريع.
ودعا إلى تعزيز آليات الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكّدًا أن الإصلاح لا يتحقق إلا بمشاركة الجميع في تحمل الأعباء وتقديم الحلول المبتكرة، بعيدًا عن منطق التبرير أو إلقاء اللوم.
وجّه رسالة أمل للأسر مفادها أن الإرادة الجماعية قادرة على تجاوز الصعوبات وتحويل التحديات إلى فرص، شرط الالتزام بروح المسؤولية والشفافية في هذا القطاع الحيوي.
وذكر أن الدخول المدرسي تم تنظيمه وفق تصور شامل وتحضير مسبق، مع متابعة دقيقة لحركية التلاميذ التي تؤثر على توزيعهم بين الأحياء والمؤسسات، لمعالجة مشكلة الاكتظاظ التي شهدتها بعض المديريات الإقليمية المعنية ببرنامج إعادة الإسكان بجهة الدار البيضاء سطات.
وأكد أن جميع المشاكل سيتم معالجتها لضمان توفير الكتب المدرسية في الوقت المناسب، واتخاذ تسهيلات خاصة لبعض الأحياء التي تواجه تحديات إعادة الإسكان، والتي تسببت في صعوبات تنقل ووصول إلى المؤسسات، لا سيما في الأحياء الهامشية والضواحي، مضيفًا جهودًا لتوفير الموارد البشرية وتغيير البنيات التربوية لتلبية الاحتياجات المتزايدة.