شهدت عدد من المدن المغربية، خلال الأيام الأخيرة، دعوات متصاعدة لتنظيم وقفات احتجاجية أمام المستشفيات العمومية، للمطالبة بتحسين المنظومة الصحية وضمان الحق في العلاج والرعاية لجميع المواطنين.

وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد الشكاوى حول تردي الخدمات الطبية، و" الإقصاء غير المعلن" للمرضى المعوزين من الحق في العلاج، خاصة في المستشفيات الجهوية والإقليمية.

بدأت شرارة هذه الاحتجاجات من مدينة أكادير، حيث نظمت فعاليات مدنية وحقوقية وقفة أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني، مؤخرا، ندد خلالها المحتجون بما وصفوه بـ"الوضع الصحي الكارثي"، مؤكدين أن المستشفى لم يعد قادرًا على تلبية الحد الأدنى من حاجيات المرضى، في ظل غياب التجهيزات، ونقص الأطر الطبية، وطول فترات الانتظار، بل و"وفاة حالات كان يمكن إنقاذها".

و رفع المشاركون شعارات تطالب بـ"الصحة حق للجميع لا امتياز"، و"الكرامة تبدأ من أبواب المستشفيات"، مطالبين بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.

موجة دعوات لوقفات مماثلة

عقب هذه الوقفة، انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي نداءات مماثلة لتنظيم وقفات أمام مستشفيات عمومية بعدد من المدن، من بينها الصويرة ، مراكش، فاس، طنجة، والرباط وغيرها، وأجمعت الدعوات على مطلب موحد: ضمان الحق الدستوري في الولوج إلى العلاج والخدمات الصحية، وفقا للفصل 31 من دستور المملكة.

إحدى التنسيقيات الداعية لهذه الوقفات صرحت بأن "الصحة أصبحت امتيازا لمن يملك المال أو العلاقات، بينما يعاني المواطن العادي من الإهمال والتهميش في أبواب المستشفيات العمومية، وهو أمر غير مقبول".

وتأتي هذه التعبئة الاحتجاجية في سياق أوسع من النقاش الوطني حول إصلاح المنظومة الصحية، في ظل تعثرات تطبيق بعض مشاريع تعميم الحماية الاجتماعية، خاصة ما يتعلق بتوسيع الولوج للعلاج، والارتقاء بجودة الخدمات داخل المستشفيات العمومية.

ويرى مراقبون من الفاعلين في مجال الصحة أن هذه الوقفات تعبر عن السياسات الصحية في تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية في القطاع، حيث لا تزال مناطق بكاملها تعاني من غياب الحد الأدنى من البنيات الصحية.

وفي نفس السياق تقوم الوزارة الوصية باجراءات عديدة لتدارك النقص الحاصل وتغيرات في مناصب المسؤولية خاصة بعد زيارة وزير الصحة لمستشفى أكادير والناظور.

ما يجري اليوم أمام المستشفيات المغربية ليس مجرد احتجاجات معزولة، بل تعبير عن أزمة ثقة في المنظومة الصحية العمومية، وطلب مباشر لحق يعتبر من أبرز الحقوق الاجتماعية: الحق في الصحة.

ومع تزايد الوقفات تبقى الرسالة واضحة: المغاربة يريدون مستشفيات تحفظ كرامتهم، وتداوي آلامهم، لا أن تزيد من معاناتهم.