هل أنت صحافي؟ 

نعم. 

هل أنت معارض؟ 

نعم. 

هل أنت طامع في الحكم، بشكل ما؟ 

نعم، تستطيع أن تقول ذلك. 

طيب، حاول فقط أن تفهم هذا الكلام؛ أسوأ شيء قد يقع لك حين ترغب في القيام بشيء ما (لاداعي لتحديده الآن) ضد بلد ما، هو ألا تكون عارفا بذلك البلد. 

لن تنجح في مسعاك، هذا أكيد، وسوف تعاني طويلا لأنك لاتتوفر على أهم شيء: المعرفة بالبلد الذي أنت تتوجه إليه، وتريد فيه وبه ما تريد، دون أي تحديد، رجاء، لهذا الذي لاتريد. 

قد تكون إبن البلد، وتربيت فيه، وعرفت عن طباعه وخصال أهله الشيء الكثير، لكن فاتك الأهم: المعرفة بالبلد ذاته. 

كيف يظهر جهلك هذا بالبلد؟ 

حين ترتكب الخطأ، مرة أولى، وثانية، وعاشرة، ولاتتوقف. 

يظهر أيضا حين تعتقد أنك والبلد ندان، صنوان، متعادلان، بالدارجة تاعرابت : "قد قد". 

هنا لايختل لديك ميزان واحد. 

هنا تسقط بالإضافة إلى أقنعتك الكثيرة، عندك كل الموازين، وتصبح كل خرجة جديدة تحاول فيها أن تبيع صورتك، وخدماتك مجرد فرصة لكي يتنمر منك وعليك الجميع . 

ذلك أنه غير ممكن، مهما انتفخت أناك، وانفجر رأسك انتفاخا، والتحقت بهما معا في عملية الانتفاخ المرعبة هذه كل الأعضاء، أن تكون أنت لوحدك، أو حتى أنت وشلتك، أندادا لبلد بأكمله .

تستيقظون صباحا أو مساءا، حسب بلد و نوعية الاستيقاظ ومدى تناغمه مع مزاج اليوم السابق، وتشرعون في اتخاذ القرارات المصيرية، وتعينون المسؤولين الذين تحبون، وتقيلون أولئك الذين لايعجبونكم، تتخيلون الدسائس والمؤامرات، وتحكون لنا عن أسرار خطيرة لم يعشها أصحابها إطلاقا، لكن وصلتكم بطرقكم ومصادركم الخاصة. 

أحيانا تقصون علينا حكايات وخرافات لقاءاتكم بمسؤولين من أمريكا وألمانيا ومن السند ومن الهند، ومن كل دول المعمور، وتقولون لنا بصوت خافت، وهمسا من فضلكم، لكي تزداد توابل الإثارة الكاذبة حرارة، إن لديكم فائضا آخر من المعلومات الحساسة، لاترغبون حاليا في إفشائها، (مراعاة للوضع)، ولأنكم "وكيفما كان الحال" لازلتم تأملون في (مساعدة) الوطن. 

تعرضون خدماتكم، نعم، لكن تعرضونها بشكل سيء للغاية. 

مثل ذاهب إلى "أونترتيان" عمل، ملأ رأسه بالبحث في خصوصيات مشغله المستقبلي لكي يهدده بها، عوض أن يأتي بديبلوماته وشهاداته، وبمايستطيع فعلا أن يقدمه لهذا العمل الذي يرغب في القيام به، والذي يعتقد أنه سيكون أفضل من سيقوم به على الإطلاق. 

ثم دعونا نذكر أنفسنا، ونذكركم أن فرصة (التشغيل) هذه أتتكم في الزمن الأول، وكنتم حينها تكتبون قصيد المديح من الدرجة الأولى. 

وسبحان الله، ومثلما لانثق بكم اليوم، لم نثق بكم الأمس، رغم أن البعض قال عنكم حينها كلاما طيبا للغاية. 

نحن بقينا على الكلام الأول: من يشكر البلد فقط لأنه مستفيد منه، ويسبه فور ظهور أول ضرر عليه، لايعتد بكلامه، ولاثقة فيه وفي أفعاله. 

كنا نقول، ولازلنا مؤمنين بالقول ذاته : إحذروا هاته الكائنات الرخوة بالتحديد، فسمها قاتل لها ولكل من يقترب منها. 

نبشركم اليوم أن الأيام أثبتت أن لدينا فراسة المؤمن الشهيرة، وأن "عتيقة" الأشهر لاثقة في "أولادها" مثلما يقول المغاربة منذ القديم، صادقين. 

وعلى ذكر المغاربة، وهم أهم الأهم، لكنكم -بسبب عدم معرفتكم بالبلد - لاتعيرونهم أي اهتمام، هم شعب لايمكن أن يصدقكم. 

لماذا؟ 

لأنهم شعب يرى مافي الدواخل. 

نعم، نعم. هذا الشعب لديه حاسة تعرف على الخلق لم تمنح لشعب آخر غيره. 

لذلك يحب بصدق من يحبه. 

ولذلك يكره بكل وضوح من يستحقون الكره. 

ولذلك يكشف النصابين والمحتالين، ومن يؤمنون بغير مايقولون، ومصطادي "الهوتات"، وتجار الأزمات، وبائعي الشعارات، وبقية السلسال الرخيص من الأفاقين. 

ينصت إليهم، يسمع من دواخل كلماتهم مايميز الصدق عن الكذب، يضعهم على الرف، ويكتب أمامهم التوصيف، "التيكيتة"، وينصرف. 

ينساهم تماما، وينسى وجودهم، ولايتذكر أنهم لازالوا فوق سطح البسيطة، إلا حينما يرتكبون هم خروجا جديدا يؤكدون به مرة أخرى أنهم…لايعرفون شيئا عن البلد، مهما نظروا وتعالموا وغالوا في التنظير لهذا…البلد.

Les « amis »…essayez de connaître un peu votre pays et votre peuple, et après faites ce qui bon vous semble…