10 غشت، محطة سنوية لفتح النقاش حول أهم القضايا والاهتمامات التي تخص مغاربة العالم ، هذه الفئة التي غادرت الوطن جسدا دون أن تغادره ثقافة وانتماء وهوية، ورغبة في المشاركة. ليتحول اليوم الوطني للمهاجر إلى فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، والتأكيد على مطالب ترى فيها الجالية مدخلا للاستثمار السليم لهذه المحطة من أجل الخروج بقرارات عملية تضع الجالية في صلب المشروع الوطني.

وبهذه المناسبة، كان لنا اتصال مع مونية علالي، مستشارة العلاقات الدولية بالجامعات العربية بإيطاليا، وواحدة من الأسماء النسائية التي تشتغل على مدار السنة للتذكير بأن قضايا الجالية ليست ذات طابع موسمي، وأن مطالب النساء تتجاوز ما هو اجتماعي وقانوني، نحو ما هو ثقافي و سياسي.

 

 كيف تنظرون لأهمية تخصيص يوم وطني للمهاجر كمحطة سنوية لتسليط الضوء على المغربي خارج وطنه؟

تخصيص يوم وطني للمهاجر له أهمية رمزية كبيرة، لأنه يكرّس الاعتراف الرسمي بمغاربة العالم كمكوّن أساسي من مكوّنات الأمة المغربية. لكن، حتى يؤدي هذا اليوم وظيفته الحقيقية، يجب أن يتجاوز البعد الاحتفالي أو البروتوكولي، ليصبح منصة فعلية للحوار، وتقييم السياسات الموجهة للجالية، وإطلاق مبادرات عملية. للأسف، في كثير من الأحيان، تتحول المناسبة إلى لقاءات عامة وخطابات دون أن تسفر عن إجراءات ملموسة أو قرارات عملية، ما يفرغها من مضمونها. ما نحتاجه هو أن يكون هذا اليوم فرصة سنوية للتشخيص، وللإعلان عن خطط واضحة بأجندات زمنية، تهم قضايا حيوية مثل الاستثمار، الحماية القانونية، التعليم لأبناء الجالية، والمشاركة السياسية.

تحضر الجالية المغربية بقوة داخل الخطابات الملكية، ما قراءتك لهذا الحضور؟

الإشارات القوية والمتكررة للجالية في الخطابات الملكية تعكس إدراكًا رفيع المستوى لدورها في التنمية الاقتصادية، والدبلوماسية الموازية، وصون الهوية الوطنية. الملك يضع الجالية في صلب المشروع الوطني، وهو توجه مهم يعطي شرعية سياسية لمطالبنا. غير أن الإشكال الجوهري يكمن في فجوة الأجرأة؛ فالكثير من التوجيهات الملكية تبقى حبيسة الخطاب أو تتأخر في التفعيل، بسبب ضعف التنسيق بين المؤسسات، أو البيروقراطية، أو غياب إرادة سياسية لدى بعض الفاعلين. المطلوب اليوم هو خلق آليات مؤسساتية ملزمة، مع متابعة دورية لتنفيذ هذه التوجيهات، حتى لا تظل العلاقة بين الوطن وجاليته علاقة خطابية أكثر منها عملية.

 يشكل الجانب الثقافي أحد التحديات التي تواجه الجاليات، كيف ترين دور المرأة المغربية المحوري في تمرير الموروث الثقافي للأجيال التي ترى النور خارج الوطن؟

الجانب الثقافي هو خط الدفاع الأول للحفاظ على هوية الجالية، وفي هذا المجال تلعب المرأة المغربية في المهجر دورًا محوريًا وحاسمًا. فهي الحاضنة الأولى للغة، للتقاليد، للقيم الأسرية، وحتى للممارسات الروحية والدينية المرتبطة بالهوية المغربية ونموذج التدين المغربي الوسطي المعتدل. لكن هذا الدور، على أهميته، يُمارس غالبًا في غياب دعم مؤسسي منظم. مؤسسات الدولة، وكذلك البعثات الدبلوماسية، لا تزال تفتقر إلى برامج قوية ومستدامة موجهة لتعليم اللغة العربية أو الأمازيغية، أو لتعريف الأجيال الجديدة بالثقافة المغربية بطريقة عصرية وجذابة. هناك أيضًا تحديات مرتبطة باندماج الأجيال الثانية والثالثة في مجتمعات الإقامة، ما يجعل الحفاظ على الهوية مهمة أكثر صعوبة. لذلك، ينبغي التعامل مع المرأة المهاجرة كشريك أساسي في السياسات الثقافية الموجهة للجالية، وتزويدها بالأدوات والدعم الذي يسهّل عليها مهمة نقل الموروث للأجيال الجديدة.

  ما هي انتظارات نساء المهجر من مدونة الأسرة الجديدة؟

نساء المهجر يعلقن آمالًا كبيرة على مدونة الأسرة الجديدة، لتكون منسجمة مع التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي والدستور الذي يضمن المساواة والكرامة. بالنسبة لنا، من أهم الأولويات معالجة الإشكالات القانونية المرتبطة بحالات الزواج والطلاق والحضانة التي تتقاطع فيها قوانين بلدان الإقامة مع القانون المغربي، حيث نجد أحيانًا أنفسنا بين نظامين قانونيين متعارضين. كذلك، هناك حاجة إلى تقوية الحماية القانونية للنساء في حالات العنف الأسري، وضمان آليات تنفيذ الأحكام عبر الحدود. ننتظر أيضًا أن تنفتح عملية إصلاح المدونة على المساهمة الفعلية التي قدمتها نساء المهجر عبر بعض القنوات المتاحة، عبر الأحزاب مثلا وعبر الجمعيات الوطنية المتعاونة مع مغربيات العالم. ولا أن تقتصر الاستشارات على الفاعلين داخل المغرب. فمدونة الأسرة ليست شأنًا داخليًا فقط، بل هي نص قانوني يؤطر حياة ملايين المغربيات المقيمات بالخارج، وينبغي أن يُصاغ بروح شمولية تراعي واقعنا اليومي.

  كيف تتعاطى مغربيات العالم مع المشاركة السياسية والتمثيلية في الانتخابات المقبلة؟

مسألة مشاركة مغربيات العالم في الحياة السياسية والانتخابات الوطنية لم تعد ترفًا أو مطلبًا ثانويًا، بل هي حق دستوري ومؤشر أساسي على مواطنة كاملة غير منقوصة. نحن كمغربيات مقيمات بالخارج نعيش ازدواجية في الوضع: نؤدي واجباتنا تجاه الوطن، سواء عبر التحويلات المالية أو عبر الدفاع عن صورته في الخارج، ومع ذلك نجد أنفسنا مُستبعدات من المشاركة الفعلية في صناعة القرار السياسي على المستوى الوطني.

المطالبة بتمثيلية الثلث في الانتخابات المقبلة ليست فقط مطلبًا لنزوة عابرة، بل هي أيضًا مطلب ديمقراطي ينسجم مع التوجهات العالمية لضمان المساواة في مواقع القرار. إذا أردنا أن تعكس المؤسسات التشريعية صورة المجتمع المغربي بكل مكوناته، فمن الضروري تخصيص دوائر انتخابية للجالية، وضمان أن تكون النساء ممثَّلات بنسبة الثلث على الأقل، مع آليات فعلية تُمكّننا من الترشح والتصويت من بلدان الإقامة.

التجارب السابقة أظهرت أن غياب التمثيل المؤسسي للجالية في البرلمان يؤدي إلى تغييب قضاياها في النقاش العمومي وصنع السياسات. لذلك، إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية، فيجب أن تكون الانتخابات المقبلة محطة تاريخية لإدماجنا كمغربيات العالم في المنظومة السياسية الوطنية، ليس كشعار، بل كواقع ملموس وحق ممارس.