في مشهد يتكرر كل صيف، يتحول شاطئ واد مرزك، الذي كان يوماً من بين أجمل الشواطئ الأطلسية القريبة من الدار البيضاء، إلى بقعة ملوثة لا تصلح للسباحة، بفعل تالدفق المستمر لمياه الصرف الصحي القادمة من مناطق بعيدة كبرشيد وحد السوالم، عبر مجاري تنتهي مباشرة في المحيط عند مصب واد مرزك.

لكن يوم أمس، يوم الإثنين 28 يوليوز الجاري، حمل نَفَسًا جديدا من الأمل للساكنة المحلية والمرتادين الدائمين لهذا الشاطئ الشعبي، حيث أجرى والي جهة الدار البيضاء – سطات، محمد مهيدية، مرفوقا بعامل إقليم النواصر، جلال بنحيون، زيارة ميدانية إلى جماعة دار بوعزة، عقد على إثرها اجتماعا موسعا مع السلطات المحلية والإقليمية لمناقشة هذه الإشكالية البيئية والاجتماعية المزمنة.

تلوث بيئي يهدد الصحة والمشهد السياحي

الاجتماع، الذي اعتُبر بمثابة خطوة تمهيدية لإطلاق مشروع هيكلي، ركز على معضلة الصرف الصحي التي شوهت صورة واد مرزك لسنوات. فبحسب تقارير رسمية صادرة عن الجهات المختصة، من بينها وزارة التجهيز والماء، فإن مياه الشاطئ باتت تصنف سنويا على أنها "غير صالحة للسباحة"، بسبب التلوث الناجم عن شبكة الصرف غير المنظمة، والتي تصب مباشرة في البحر دون معالجة.

وبينما تنادي جمعيات بيئية وفعاليات مدنية منذ سنوات بضرورة إيجاد حل جذري، يبدو أن زيارة الوالي أعادت تسليط الضوء على هذا الملف، وفتحت الباب أمام مشروع قد يعيد الحياة إلى مياه مرزك ويُنقذ ما تبقى من بيئته البحرية وسحره الطبيعي. 
وكان عامل إقليم النواصر بدوره وقف على هذه المعضلة البيئية خلال الزيارة التي قام بها إلى شاطئ واد مرزك قبل أسابيع، حيث وقف على المشكل البيئي الذي تتسبب فيه المياه العادمة، والكارثة البيئية التي تخلفها.

هدم مؤجل وانتظار مخطط التهيئة

في السياق نفسه، كانت السلطات المحلية قد برمجت صباح أمس الإثنين 28 يوليوز الحالي، عملية هدم للمحلات الشعبية التي تُعد وجبات السمك على طول كورنيش "المريسة"، باعتبارها بنايات عشوائية لا تستجيب لمعايير التهيئة العمرانية والسياحية. غير أن زيارة الوالي والاجتماع المصاحب لها دفعا إلى تأجيل تنفيذ عملية الهدم مؤقتاً، في انتظار تحديد معالم مشروع التهيئة الشاملة لكورنيش دار بوعزة.
وحسب ما استقته (أحداث أنفو) من مصادر من السلطة المحلية، فإن «تأجيل عملية الهدم التي سبق ان اخطر بها أصحاب المطاعم الشعبية بالمريسة أرجئ إلى غاية الأسبوع القادم».
هذه المحلات، التي تعتبر مصدر رزق لعشرات العائلات، لطالما شكلت جزءاً من ذاكرة المكان، حيث يقصدها المواطنون لتناول وجبات السمك المشوي قرب البحر، وسط أجواء بسيطة وعفوية. 
وبين رغبة الدولة في إعادة تنظيم الفضاء الساحلي، وحرص السكان على الحفاظ على مورد عيشهم، يقف ملف "المريسة" في منطقة رمادية، تحتاج إلى مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي والاقتصادي، لا العمراني فقط.

بين التحديات والرهانات

ملف الصرف الصحي ومشكل الهدم بكورنيش المريسة يعكسان معاناة دار بوعزة مع سوء التخطيط وتراكم الإهمال. لكن، مع زيارة والي الجهة والاجتماع الذي ترأسه رفقة عامل الإقليم، بدا أن هناك تحولاً في التعامل مع مشاكل المنطقة من مستوى محلي إلى مستوى جهوي أكثر عمقاً.

الرهان اليوم ليس فقط على وقف التلوث، بل على بلورة مشروع متكامل يُعيد إلى شاطئ واد مرزك وهجَه البيئي والسياحي، ويضمن للسكان فضاء نظيفا، منظما، لا يقطع أرزاق البسطاء بل يعيد تنظيمها وفق قواعد عادلة ومستدامة.