عرفت تورّي باتشيكو في جنوب إسبانيا، بمحافظة مورثيا، سلسلة حوادث عنف وتوتر عرقي تجاوزت حدود الحادث الفردي، لتتحول إلى موجة عنصرية مشتعلة استغلتها قوى اليمين المتطرف لتحقيق مكاسب سياسية مثيرة للجدل.

حوادث العنف انفجرت بعد اعتداء مروع تعرض له متقاعد يبلغ من العمر 68 عاماً على يد ثلاثة شباب من أصول شمال إفريقية، حيث ظهرت صور الرجل مصاباً بجروح ورضوض في وجهه وعينه مغطاة، بينما قام المعتدون بتصوير الحادثة ونشرها على وسائل التواصل، مما أثار استنكارا واسعا وأشعل شرارة الغضب في المدينة.

تصاعدت، بعد ذلك، اشتباكات عنيفة استهدفت بشكل مباشر المهاجرين، وسط تصاعد لخطاب الكراهية الذي استغله حزب "فوكس" اليميني المتطرف، المعروف بمواقف صارمة معادية للهجرة، ليحوّل الحادث إلى ذريعة لتأجيج التحريض واستغلال الأزمة لتصفية حسابات سياسية واجتماعية، ما دفع المدينة إلى حافة انفجار أعمق في نسيجها الاجتماعي.

مهاجرون مغاربة في قلب دوامة " الميز العنصري"

أفاد عدد من المهاجرين المغاربة، في اتصال مع موقع "أحداث أنفو"، أن موجة العنف والاعتداءات المتكررة التي تستهدف المهاجرين المغاربة، بمنطقة مورسيا في جنوب شرق إسبانيا، لازالت مستمرة، فيما خفت حدتها بباقي القرى المجاورة ومنها قرية توريات باتشيكو بالإسبانية( Torre-Pacheco) هي بلدية تقع في إقليم مرسية جنوب شرق إسبانيا، وتضم حوالي 36,464 نسمة حسب إحصائيات 2020.

وقال أولعيد أوشقير، وهو مهاجر مغربي من إقليم أزيلال، مقيم بـ"باتشيكو"، في اتصال لموقع "أحداث أنفو"، إن مقهى في ملكية ابن شقيقه تعرض للهجوم من قبل أناس غرباء عن البلدية، مؤكدا أن جيرانه من الإسبان عبروا عن تضامنهم معه كما استنكروا ما تعرض له المهاجر المغربي.

مورسيا 1

وأضاف أوشقير، أن المناوشات بين المهاجرين المغاربة وجماعات يمينية متطرفة محلية وأخرى جاءت من مدن إسبانية مختلفة، بدأت منذ ليلة السبت الماضي، على خلفية حادثة اعتداء على مسن إسباني من مجهولين، يُشتبه في تورط بعض المغاربة فيها.

وفي سياق متصل، أوضح أوشقير، أن غالبية ساكنة بلدية "باتشيكو" من المهاجرين المغاربة، الذين يعيشون في سلام مع المواطنين الإسبان، مؤكدا أنهم أكثر جالية مصوتة في الانتخابات، الأمر جعلهم يحظون بدعم رئيس البلدية في نزاعهم مع المجموعات المتطرفة المنتمية لحزب "فوكس".

وقال إن:" حادث المسن الإسباني قديم يعود لأزيد من شهر"، وأن " انفجار الأوضاع بمورسيا والقرى المجاورة تسبب فيه متطرفون يمينيون قدموا من برشلونة ومدريد ومدن أخرى تبعد عن مورسيا بمائات الكيلومترات كمدينة مدينة لوغرونيو Logroño عاصمة منطقة لا ريوخا في شمال إسبانيا.

 القنصلية المغربية بمورسيا تدين بشدة الاعتداءات ضد الجالية وتطالب بحمايتهم

أصدرت القنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة مورسيا الإسبانية بيانًا رسميًا عبرت فيه عن بالغ قلقها واستنكارها الشديد للأحداث الأخيرة المؤسفة التي طالت أبناء الجالية المغربية المقيمة بمنطقة طورّي باتشيكو بجهة مورسيا، والتي اتسمت بمظاهر من العنف والتحريض والكراهية.

وأشارت القنصلية إلى أن هذه الاعتداءات غير المسبوقة خلّفت حالة من الخوف والقلق في صفوف أفراد الجالية، الذين عاشوا لحظات عصيبة تميزت بالهلع وعدم الإحساس بالأمان. وشددت القنصلية على ضرورة مواصلة العمل مع السلطات الإسبانية المختصة لتوفير حماية عاجلة وفعّالة لكل المغاربة المقيمين بالمنطقة المتضررة.

القنصلية العامة المغربية لم تخفِ كذلك تقديرها للمجهودات الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية الإسبانية وباقي السلطات المحلية والمسؤولين المعنيين باحتواء الأزمة، مؤكدة أهمية الالتزام بتعليمات هذه السلطات وأخذ الحيطة والحذر في ظل الظروف الصعبة الراهنة.

وأكد البيان على تضامن القنصلية التام مع كافة أفراد الجالية المغربية بمورسيا، داعيا إلى ضبط النفس والابتعاد عن أي ردود أفعال غير محسوبة، مناشدًا الجميع بالتحلي بالمسؤولية واليقظة ريثما يتم إيجاد حل لحماية أرواحهم وممتلكاتهم وضمان استقرارهم.