عبرت المبادرة المدنية للترافع ضد تعديل (المادتين 3 و7) من مشروع قانون المسطرة الجنائية (03.23)، عن رفضها القاطع للتعديلات التي أقرتها الحكومة وصادق عليها البرلمان بغرفتيه، معتبرة إياها "تراجعا خطيرا" يهدد أدوار المجتمع المدني في مكافحة الفساد وحماية المال العام.


وفي بيان صدر عقب اجتماعها الأخير، سجلت المبادرة، التي تضم حوالي 30 جمعية وائتلافا مدنيا، بقلق بالغ مصادقة مجلس المستشارين يوم 8 يوليوز الجاري على التعديلات دون أخذ مضامين المذكرة الترافعية التي سبق أن قدمتها بعين الاعتبار، بعدما كان مجلس النواب قد مرر المشروع ذاته بتاريخ 20 ماي الماضي.

وأكدت المكونات المدنية استمرارها في النضال والترافع من أجل إسقاط هذه التعديلات، التي اعتبرتها "انحرافا تشريعيا" يتنافى مع روح الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. كما اعتبرت أن هذه التعديلات تمثل محاولة صريحة لتجريد الجمعيات من حقها في التبليغ والمطالبة بفتح التحقيقات القضائية في قضايا الفساد والرشوة.

البيان أشار كذلك إلى استدعاء محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، للمثول أمام المحكمة الابتدائية بمراكش يوم 18 يوليوز الجاري، على خلفية شكاية مباشرة رفعها نائب برلماني عن حزب يقود الحكومة، بسبب تصريحات أدلى بها الغلوسي خلال ندوة صحفية تتعلق بشبهات فساد بمدينة مراكش، من ضمنها مشروع المحطة الطرقية الجديدة التي كلّفت 12 مليار سنتيم ولا تزال مغلقة رغم انتهاء الأشغال بها منذ مدة.

ووصفت المبادرة هذا الاستدعاء بأنه "رسالة تخويف" تستهدف المدافعين عن المال العام وفاضحي الفساد، مشددة على تضامنها المطلق مع الغلوسي، ومطالبة بفتح تحقيقات شفافة حول مزاعم الفساد بدل متابعة من أطلقوا نداءات المحاسبة.

كما نددت بما وصفته بـ"تواطؤ البرلمان مع السلطة التنفيذية"، بعدم أداء دوره الرقابي والتشريعي في التصدي لهذه التعديلات، محملة الحكومة مسؤولية توجيه خطاب مضلل للبرلمانيين يوهمهم بأن الجمعيات تمارس الابتزاز، في محاولة لتبرير تمرير نص قانوني يقيد صلاحياتها.

وفي ختام البيان، أعلنت المبادرة عن برنامج تصعيدي يتضمن إعداد مذكرة طعن سترفع إلى المحكمة الدستورية فور المصادقة النهائية على القانون، إضافة إلى مراسلة كل من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمجلس الاستشاري الإفريقي لمكافحة الفساد، فضلاً عن تنظيم مائدة مستديرة بمشاركة برلمانيين وممثلي أحزاب ونقابات من الداعمين لموقف المبادرة، بهدف تقديم مقترح قانون لتعديل المادتين 3 و7 بشكل يضمن إشراك المجتمع المدني في معركة محاربة الفساد.