كشف محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن المجلس الوطني للصحافة هو من تولى مباشرة النقاش مع الهيئات المهنية حول مشروعي القانونين المرتبطين بإعادة تنظيم المجلس والنظام الأساسي للصحافيين، مؤكدا أن الحكومة اختارت النأي بنفسها عن هذا المسار احتراما لمبدأ الاستقلالية المنصوص عليه في الدستور.

الوزير، الذي كان يتحدث خلال استعراضه لمضامين المشروعين أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أوضح أن الوزارة لم تتدخل في المشاورات، وأن الحكومة اعتمدت فقط ما خلصت إليه اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير قطاع الصحافة والنشر التي قامت بجولات تشاورية واسعة مع المهنيين والفاعلين في المجال.

وأضاف أن الغاية من إحداث المجلس الوطني للصحافة كانت بالأساس نقل صلاحيات التسيير إلى هيئة مهنية مستقلة، بدل استمرار التدخل الحكومي المباشر كما كان في السابق، مشددا على أن منح المجلس كامل صلاحياته يبقى ضروريا حتى لا يتحول القانون إلى مجرد نص بلا مضمون.

واعتبر الوزير أن المرحلة الحالية تمثل منعطفا أساسيا في مسار التنظيم الذاتي للمهنة، وأن المشروع الجديد يهدف إلى صيانة مكتسبات القانون القائم، مع الحفاظ على استقلالية المجلس وتدعيم صلاحياته، إلى جانب إدخال تعديلات هيكلية لمواجهة بعض العراقيل، خاصة ما تعلق بصعوبة تجديد الهياكل.

وأشار ذات المتحدث إلى أن التجربة السابقة للمجلس أفرزت جوانب إيجابية وأخرى سلبية، مؤكدا أن الدولة تعي الحاجة إلى تطوير التجربة المؤسساتية للقطاع، وتوفير بيئة قانونية مستقرة تضمن فعالية التنظيم الذاتي واستقلالية التمثيليات المهنية.

وأكد بنسعيد أن مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يأتي في سياق إصلاح أوسع لمنظومة الصحافة، متماشيا مع مقتضيات الفصول الدستورية المتعلقة بحرية التعبير، وبناء على التقييمات التي أجرتها اللجنة المؤقتة، والتي أوصت بإحداث تغييرات جوهرية في طريقة اشتغال المجلس.

وفي التفاصيل، كشف بنسعيد أن المشروع يقترح إسناد مهام جديدة للمجلس، من بينها إعداد سجلات خاصة بالصحافيين الحاصلين على البطاقة المهنية والناشرين، مع تحديد أجل لا يتعدى 30 يوم لإبداء الرأي في مشاريع النصوص التشريعية، مع إمكانية تقليص هذا الأجل في الحالات المستعجلة بقرار حكومي.

كما حافظ النص، يضيف الوزير، على الوظائف الأساسية للمجلس، مع حذف بند اشتراط المصادقة الحكومية على النظام الداخلي وميثاق الأخلاقيات، والاكتفاء بنشرهما في الجريدة الرسمية، إلى جانب توسيع مجال الشراكات الدولية لتبادل التجارب والخبرات مع هيئات الصحافة الأجنبية.

وبموجب المشروع، سيقلص عدد أعضاء المجلس من 21 إلى 19 عضوا موزعين على ثلاث فئات، تشمل سبعة صحافيين من ضمنهم ثلاث نساء على الأقل، وسبعة ناشرين تنتدبهم منظمات مهنية، وعضوين إضافيين من الناشرين ذوي التجربة، إلى جانب ثلاثة ممثلين عن هيئات ومؤسسات مختلفة.

كما ينص القانون على إحداث جمعية عامة داخلية للمجلس تتولى انتخاب الرئيس ونائبه، والمصادقة على النظام الداخلي والميثاق الأخلاقي، واعتماد برنامج العمل، والميزانية، وتشكيل اللجان، ما يعزز آليات الحوكمة الداخلية للمؤسسة.

ويقترح النص الانتقال إلى نظام انتخابي جديد لفئة الصحافيين، يشترط 10 سنوات من الأقدمية المهنية وبطاقة مفعلة، وخلو السجل من أية عقوبات تأديبية، على أن يتم التصويت بالاقتراع السري الفردي في دورة واحدة، مع احترام تمثيلية النساء.

ولتأطير العملية الانتخابية، ينص المشروع على إنشاء لجنة خاصة للإشراف على انتخاب الصحافيين وانتداب الناشرين، كما تم تحديد معايير جديدة لتمثيلية منظمات الناشرين تشمل عدد المستخدمين، رقم المعاملات، الأقدمية، الوضعية الجبائية، وعدد الصحافيين العاملين، مع تحديد سقف أقصى في عشرين حصة لكل ناشر، وتفوز المنظمة ذات العدد الأكبر بجميع مقاعد الفئة.

وفي حالة تعذر تجديد الهياكل، ينص المشروع على آلية تدخل تبدأ بإنذار إداري، وفي حال عدم تجاوب المجلس، تُحال القضية على المحكمة الإدارية، التي تبت في إمكانية حل الجمعية العامة. وفي حال صدور حكم بالحل، تُشكل لجنة خاصة خلال أسبوع، تتولى مهام المجلس وتنظيم انتخابات جديدة في أجل أقصاه 120 يوما.

وتتألف هذه اللجنة من القاضي العضو بالمجلس كرئيس، وعضو من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعضوين يعينهما رئيس الحكومة، أحدهما من الصحافيين المهنيين، والآخر من الناشرين، وتنتهي مهامها فور الإعلان عن النتائج النهائية لتجديد الهياكل.