في إطار مخطط تطوير الدار البيضاء وتحويلها إلى "ميتروبول" حقيقي، قررت السلطات نقل أسواق الجملة الكبرى مثل سوق الخضر والفواكه والمجازر وسوق السمك إلى منطقة حد السوالم خارج الدار البيضاء، ما أثار جدلا واسعا بين التجار الذين يخشون من فقدان مصدر رزقهم وارتفاع أسعار السلع بسبب تكاليف النقل والشحن، إضافة إلى تأثير ذلك على الفئات الهشة التي تعتمد على هذه الأسواق في تلبية حاجياتها اليومية بأسعار مناسبة.
وأعلنت جماعة الدار البيضاء عن إنشاء "منصة متكاملة للأغذية الزراعية" ستكون جاهزة في 27 ماي 2027، بميزانية تقارب 1.5 مليار درهم، ممولة من الجماعة، مجلس جهة الدار البيضاء سطات، وزارة الداخلية، وجماعة حد السوالم.
وأوضحت أن هذا المشروع يهدف إلى تخفيف الازدحام والضغط المتزايد على مدينة الدار البيضاء، التي تعاني من اختناق اقتصادي ومروري، من خلال بناء مدينة صغيرة تضم مركزاً موحداً للأسواق، يشبه نظيراتها في المدن العالمية الكبرى، مع توفير مساحة موحدة ومتكاملة للأنشطة المختلفة
وعلى الرغم من الأهداف التنموية، لترحيل أسواق الجملة إلا أن القرار أثار جدلاً واسعاً داخل مجلس جماعة الدار البيضاء، خاصة من قبل المعارضة والمهنيين المتضررين.
ووصف عدد من معارضي ترحيل أسواق الجملة إلى خارج المدينة، المشروع بأنه "قرار ارتجالي وغير مدروس"، ينتقص من القدرة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع تكاليف النقل، ويهدد أرزاق مئات الأسر التي تعتمد على هذه الأسواق، داعين إلى ضرورة اعتماد مقاربة جهوية شاملة تشمل جميع الجماعات الترابية المعنية، وليس فقط جماعة الدار البيضاء أو جماعة حد السوالم.
من جانبهم، عبر عدد من مهنيي وتجار أسواق الجملة عن تخوفهم من الترحيل، معتبرين أن القرار اتخذ دون إشراكهم، وأن الموقع الجديد يفتقر للمعايير المطلوبة، كما أنه خارج المدينة مما قد يؤدي إلى هدر المال العام ويؤثر سلباً على حركة التجارة والقدرة الشرائية للمستهلكين.
ويخشى المعارضون من فقدان الجماعة لمصدر مالي مهم، حيث تحقق الأسواق الكبرى عائدات مالية معتبرة لخزينة الجماعة، إضافة إلى المخاوف الاجتماعية المرتبطة بترحيل الأسواق وتأثيره على الأسر المجاورة والمهنيين العاملين بها.
وفي تصريح لموقع "أحداث أنفو"، أكد سعيد بوسمارة، الكاتب العام للمكتب النقابي لتجار ومستخدمي سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، أن سبب تخوف التجار مرده لعدة مشاكل.
وأبرز أن السوق الحالي لسوق الجملة يمتد على مساحة 26 هكتار، ومع ذلك لم ينجح المدراء في الجماعة الحضرية الذين تناوبوا عليه لسنوات في حل مشاكله.
وأضاف أنه منذ تولي شركة التنمية لتدبير سوق الجملة سنة 2017، لم يحدث أي مستجد يدعو للترحيل الذي سيكون سببا "لتجويع مستخدمي وتجار وفلاحي هذا القطاع".
واتهم بوسمارة جماعة الدار البيضاء بعدم إشراك المهنيين، وإنما حاور جمعية وحيدة تعنى بالتعشير بسوق الجملة بتنسيق مع إدارة سوق الجملة.
وأضاف:" هذه الجمعية هي من ورثثت الصفقات وتفويت المتاجر وتستغل الموقف وارتكبت عدة اختلالات واستبعدت التجار والمهنيين لأنهم لا يتوفرون على أصول تجارية، بالرغم من أن سوق الجملة عشوائي وفيه أكواخ عشوائية على شكل مربع محجوز".
وفي هذا السياق تسائل بوسمارة ما الذي سيستفيده التاجر والفلاح من ترحيلهم من سوق الجملة، بالنظر للمصاريف التي ستضاف على عاتقهم، مبرزا أن الجماعة ستكتري الأرض بـ 70 درهما، فيما هي ستؤجرها للتجار بـ 250 درهما.