في ظل الجهود المتواصلة لتحسين أوضاع الباعة المتجولين بمدينة الدار البيضاء، برزت فكرة إنشاء الأسواق النموذجية كحل عملي يهدف إلى تنظيم القطاع، وتوفير فضاءات آمنة ومجهزة تليق بالبائعين والمواطنين على حد سواء، إلا أن هذه المبادرات، رغم نبل أهدافها، تواجه تحديات كبيرة على مستوى التنفيذ والملاءمة مع خصوصيات الأحياء المستهدفة، كما يكشف ذلك أحمد الصويري، الفاعل الجمعوي بتراب عمالة عين السبع الحي المحمدي، في تصريحه لموقع "أحداث أنفو".

يؤكد أحمد الصويري أن فكرة تجميع الباعة المتجولين في أسواق نموذجية مزودة بكاميرات وأنظمة أمنية، تندرج ضمن رؤية استراتيجية تستشرف أفق 2030، وتنسجم مع طموحات التنمية المحلية.

غير أن الواقع يكشف عن اختلالات في التنفيذ، إذ أن بعض المشاريع فشلت في تحقيق أهدافها بسبب غياب دراسة معمقة لمواقع الأسواق ومدى ملاءمتها لحاجيات الباعة والساكنة.

ويشير الصويري إلى أن بعض الأسواق النموذجية، مثل سوق دار الأمان، عرف مشاركة واسعة من الباعة الذين بذلوا مجهودات كبيرة لتأهيلها، لكن الموقع غير المناسب أدى إلى عزوف الزبائن وفشل المشروع في استقطاب الحركة التجارية المطلوبة.

هذا الواقع دفع بعض المستفيدين إلى التخلي عن محلاتهم وبيعها أو تأجيرها، والعودة مجدداً إلى الشارع لممارسة نشاطهم في ظروف عشوائية.

إشكالية الموقع وتوصيات الفاعلين

يشدد الفاعل الجمعوي في التصريح ذاته، على أن اختيار موقع السوق النموذجي يجب أن يراعي القرب الجغرافي من المناطق الحيوية، مثل "القيسارية" بالحي المحمدي، التي تعتبر مركزاً تجارياً نابضاً يجذب سكان الدار البيضاء والمناطق المجاورة.

ويقترح الصوري أن يتم إنشاء الأسواق النموذجية بالقرب من هذه المراكز، لتسهيل ولوج الزبائن وضمان نجاح المشروع، بدل إبعادها إلى مناطق هامشية تفقدها جاذبيتها التجارية.

ويشار إلى أن العديد من الأسواق النموذجية بمنطقة الحي المحمدي تعيش الكساد، مما دفع التجار إلى مغادرتها كما هو الحال مع سوق البركة الذي تم إنجازه بقيمة مالية تفوق المليار و700 مليون سنتيم، لكنه تحول إلى سوق مهجور مليء بالنفايات، حيث فشل في إيواء الباعة الجائلين، بحيث أصبح مصيره كما حال باقي الأسواق النموذجية بالمنطقة كأسواق الأصيل والفتح ودرب مولاي الشريف.