نظمت النقابة الوطنية للصحة العمومية (ف د ش) بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يوم السبت 5 يوليوز 2025، ندوة علمية شارك فيها أكثر من 200 مشارك ومشاركة، تناولوا خلالها سبل إنجاح الانطلاقة الفعلية للمجموعة الصحية النموذجية بالجهة، ومناقشة تحديات المأسسة وتنزيل ورش الإصلاح الشمولي للمنظومة الصحية بأقاليم الشمال، مع التركيز على الحفاظ على حقوق ومكتسبات الشغيلة الصحية بجميع فئاتها.

حملت الندوة عنوان "رهانات وتحديات تنزيل المجموعات الصحية الترابية النموذجية بجهة طنجة تطوان الحسيمة: واقع وآفاق"، وعقدت بالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بتطوان، بهدف تقديم تشخيص شامل للإصلاحات الصحية في المغرب، مع التركيز على تجربة الجهة كنموذج وطني أولي في تنزيل هذه المجموعات الصحية.

افتتح اللقاء بكلمة المنسق الجهوي حمزة إبراهيم، الذي أكد على أهمية الإصلاحات الصحية لتحقيق العدالة المجالية وضمان التغطية الصحية الشاملة، مشيراً إلى أن المجموعات الصحية الترابية تمثل حلاً مبتكرًا لتوزيع الخدمات الصحية وتحسين التكامل بين المستشفيات والمراكز الصحية، مع ضرورة ضمان حقوق الشغيلة الصحية وتحسين ظروف عملهم.

ناقش المشاركون التحديات القانونية والتنظيمية، حيث أشاروا إلى تأخر صدور المراسيم التطبيقية، وغموض توزيع الصلاحيات بين المركز والجهات، إضافة إلى الحاجة الملحة لإشراك المهنيين الصحيين في التخطيط والتنفيذ لضمان توافق الإصلاحات مع الواقع الميداني.

في جلسة تحليل جاهزية جهة طنجة تطوان الحسيمة لتنفيذ الإصلاحات، تم التأكيد على وجود تحسن في بعض المرافق الصحية، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة في البنية التحتية، خصوصاً بالمناطق النائية، ونقص في الموارد البشرية المؤهلة، إضافة إلى الحاجة لتجهيزات حديثة ومتطورة.

أكدت الندوة على أهمية المساهمة الفاعلة للأطر الصحية، مع ضرورة تحفيزهم مادياً ومعنوياً، وتحسين ظروف العمل من خلال التدريب المستمر وتوفير مستلزمات العمل، باعتبار نجاح الإصلاح الصحي مرتبطًا بشكل أساسي بمشاركتهم الفعالة.

كما تم التطرق للتحديات التقنية، حيث تم التشديد على دور الرقمنة في تحسين التنسيق بين المؤسسات الصحية، من خلال تطوير الأنظمة المعلوماتية الموحدة، واعتماد الملف الطبي الرقمي المشترك، مع توفير التدريب الرقمي للأطر الصحية لضمان التعامل الفعال مع هذه التقنيات.

ومن التوصيات الرئيسية للندوة، تحفيز الأطر الصحية مادياً ومعنوياً، خاصة في المناطق النائية، وضمان استمرارية الحوار الاجتماعي الجاد والمسؤول، وتسوية الوضعيات الإدارية والحفاظ على المكتسبات المهنية.

كما دعت التوصيات إلى تعزيز البنية التحتية الصحية في المناطق الأقل تجهيزاً، وتحقيق التكامل بين خدمات الرعاية الصحية لضمان جودة واستمرارية الخدمات، وتوفير تمويل مستدام لتطوير الأنظمة الصحية والرقمية.

وشددت الندوة على أهمية تحسين التواصل بين الأطر الصحية والجهات المسؤولة عبر آليات الحوار الاجتماعي، ومواكبة الإصلاحات بمراجعة التشريعات وإصدار المراسيم التطبيقية مع إشراك جميع الأطراف المعنية.

تأتي هذه الندوة في سياق الإصلاحات الكبرى التي يشهدها قطاع الصحة بالمغرب، والتي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتقريبها من المواطنين، وضمان العدالة الصحية المجالية، حيث تمثل المجموعات الصحية الترابية خطوة هامة نحو إصلاح النظام الصحي الوطني، مع إمكانية تعميم التجربة الناجحة لجهة طنجة تطوان الحسيمة على باقي جهات المغرب.

وأكدت النقابة الوطنية للصحة العمومية على ضرورة تضافر جهود جميع الفاعلين من أطر صحية، وسلطات محلية، وهيئات حكومية، لضمان نجاح الإصلاحات الصحية وتحقيق العدالة الصحية لجميع المواطنين في المملكة.