وقال إن هذا التحول يفرض تحديات جوهرية على الصحفيين، إذ يتعين عليهم أن يتعاملوا مع أدوات جديدة تغير طبيعة الممارسة الصحفية وتعيد تشكيل العلاقة بين الصحفي والجمهور، وبين الخبر والحقيقة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي، في مجال الإعلام، يتيح مزايا واضحة، من تسريع عمليات البحث والتحقق، وتحسين جودة الإنتاج، وتسهيل الوصول إلى المعلومات، غير أن هذه المزايا تخفي في طياتها مخاطر عميقة، على رأسها غياب البعد الأخلاقي والضمير المهني في الأنظمة الذكية، فضلاً عن إمكانية إقصاء الصحفي البشري من بعض الوظائف، بسبب الاعتماد المفرط على الآلة.
وأكد نائب النقيب أن الصحفي اليوم لم يعد فقط مطالبًا بامتلاك أدوات الاشتغال الكلاسيكية، بل عليه أن يطور فهمًا نقديًا للذكاء الاصطناعي، وأن يعمل على ترويض هذه الأدوات لا الانصياع لها، معتبرًا أن التوازن بين الذكاء الاصطناعي والذكاء المهني للصحفي هو التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة.
وقال في هذا السياق: علينا ألا نُغري بالسهولة التي تمنحها الخوارزميات، ولا نرضخ للسرعة الفارغة من المعنى، فجوهر الصحافة كان وسيبقى هو التحقق، والتحليل، والإحساس بالعدالة والإنصاف، وهي أمور لا يمكن تقنيًا برمجتها أو استنساخها".
واختتم الطالبي مداخلته بدعوة صريحة إلى ضرورة إعادة بناء التكوين الإعلامي بما يتلاءم مع هذه التحولات، من خلال إدماج ثقافة الذكاء الاصطناعي في المناهج، وتطوير أدوات التشريع والحماية المهنية، بما يصون كرامة الصحفي ويحمي حق المواطن في إعلام نزيه وموثوق.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يملك المشاعر، ولا القدرة على الإحساس الإنساني، وهي خصائص جوهرية في العمل الصحفي، مشددًا على أن التعامل مع هذا الواقع الجديد يتطلب من الصحفيين يقظة دائمة وتكوينًا مستمرًا.
ودعا محمد الطالبي إلى تسليح الشباب بالعلم والمعرفة، وأن تتظافر جهود مختلف الفاعلين من أجل حماية المجتمع من سيل الأخبار الزائفة والتلاعب بالرأي العام، مشدداً على أهمية سن آليات واضحة لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية المجتمع من مخاطره.