في جو مناسب خفت حرارته كان اللقاء، لقاء مع لوحات فنية تراثية تحظى باهتمام كل من يتابعها، لأنها تحرك داخله مشاعر الاحساس بالهوية والانتماء.. انتماء إلى وطن أصيل غني بثقافته، بتراثه وفنونه..
تألقت فرقة "ميزان هوارة" في السهرة الافتتاحية للدورة 54 من المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي تحتضنه مدينة مراكش من 3 إلى 7 يوليوز الجاري، حاملة معها عبق التراث الهواري وألوانه الآسرة التي تنبض بالحيوية والإبداع.
وتُعد هذه الفرقة من أبرز الفرق الفلكلورية التي تمثل التراث الشعبي لمنطقة هوارة، إذ تشتهر بأدائها الاستعراضي الفريد الذي يمزج بين الإيقاعات الراقصة الحماسية واللوحات الرمزية الغنية بالدلالات. ومن بين هذه اللوحات المثيرة، برزت "رقصة الأفعى" التي شدت انتباه الجمهور في قصر البديع، حيث تحاكي الراقصة تحركات الأفعى وهي تلتف وتحيط بضحيتها قبل أن تنقضّ عليها في مشهد درامي يختزل صراعات الإنسان مع قوى الطبيعة والخطر.
وتتميز فرقة "ميزان هوارة" كذلك بطابعها المتفرد، حيث تشارك فيها امرأة إلى جانب الرجال، في خرق مميز لما اعتاد عليه هذا النوع من الفرق التراثية. وهو ما يضفي على العروض توازنا جماليا ورسالة اجتماعية حول دور المرأة في صون التراث وتطويره.
الفن الذي تؤديه هذه الفرقة ينبني على "الميزان"، أي الانتظام الإيقاعي المتواصل الذي يُعتبر جوهر فنون هوارة، وهو ما يُكسب الأداء دينامية متصاعدة، ويتطلب من الراقصين مهارة وانسجاما في الحركات والنقرات.
وقد تفاعل جمهور الدورة 54 من المهرجان الوطني للفنون الشعبية مع حضور فرقة "ميزان هوارة"، التي لم تكن مجرد فرقة راقصة، بل تجسيدا حيا لذاكرة جماعية وموروث ثقافي يعكس هوية منطقة بأكملها.
ويُذكر أن هذه الدورة من المهرجان تنعقد تحت شعار "تراث لامادي يتحرك"، وتعرف مشاركة أكثر من 30 فرقة فنية من مختلف وأزيد من 750 فنانا من ربوع المملكة، في تظاهرة تُعد من أعرق المهرجانات الثقافية بالمغرب، حيث يشكّل الحدث مناسبة سنوية للاحتفاء بالإبداع الشعبي الأصيل وإبراز غنى وتنوع الفنون التقليدية المغربية.