أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن تجربة التمويل التشاركي في المغرب لا تزال فتية وتواجه تحديات بنيوية حقيقية، على رأسها ضعف السيولة ومحدودية الكفاءات، مشيراً إلى أن حجم التمويلات التشاركية بلغ حوالي 35 مليار درهم، في حين لا تتعدى الودائع تحت الطلب 12 مليار درهم، مما يبرز "فجوة تمويلية تعيق التوازن المطلوب في هذا النموذج”.

تصريحات الجواهري جاءت خلال ندوة صحفية أعقبت افتتاح المنتدى الثالث والعشرين للاستقرار المالي الإسلامي المنعقد هذا الصباح بالرباط، حيث شدد على أن الانطلاقة الفعلية لهذا القطاع لم تبدأ سوى بعد سنة 2020، مشيرا إلى أن مسار التنزيل استغرق وقتا طويلا بفعل ندرة الكفاءات، وكون الهندسة المالية الإسلامية لا تزال في طور التشكل.

وأوضح والي بنك المغرب أن أزمة السيولة تظل أبرز التحديات التي تواجه الأبناك التشاركية، مبرزا أن بنك المغرب يشتغل بالتعاون مع المجلس العلمي الأعلى لإيجاد حلول تقنية وشرعية لهذه المعضلة، لكنه أقر بأن هذه الحلول "تبقى غير مستدامة”.

ولمواجهة هذا الإشكال، كشف الجواهري عن توجه نحو تعزيز الحلول الهيكلية، عبر إصدار صكوك سيادية لفائدة الدولة، وإتاحة الفرصة أمام الأبناك التشاركية لإصدار صكوك خاصة بها، ما من شأنه أن يعزز من وضعها المالي ويدعم قدرتها التمويلية.

من جانب آخر، لفت الجواهري إلى أن تحديات الحكامة والتأطير الاستراتيجي لا تزال قائمة، داعيا الأبناك إلى تطوير رؤى واضحة تتماشى مع طبيعة التمويل التشاركي، بدل الاعتماد فقط على المبادرات الفردية للبنوك الكبرى.

وأشار والي بنك المغرب إلى أن المؤسسة النقدية حرصت منذ البداية على توفير شروط الانخراط في هذا النمط التمويلي، حيث تم تشجيع البنوك الأجنبية المهتمة على التعاون مع بنوك مغربية قائمة لضمان نجاح التجربة.

وفي ما يتعلق بالإطار الشرعي، أبرز الجواهري أن كل منتج أو خدمة جديدة في إطار التمويل التشاركي لا يتم اعتمادها إلا بعد موافقة المجلس العلمي الأعلى، مضيفا أن التنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مكّن إلى اليوم من إصدار 200 فتوى، إثر 400 اجتماع مشترك مع بنك المغرب.