على امتداد الشريط الساحلي الممتد من واد مرزك إلى غاية طماريس، ضمن النفوذ الترابي لجماعة دار بوعزة التابعة لعمالة اقليم النواصر، تغيّر المشهد بشكل لافت هذا الصيف. لم يعد المصطافون يصطدمون بأصحاب "الجيليات الصفراء" وهم يطالبونهم، بوجه مكفهر، بأداء تسعيرات عشوائية مقابل ركن سياراتهم. وحتى قرب ما يعرف بـ "بلاج بريفي" حيث كان حراس السيارات يفرضون سومات "مزاجية" تنظر إلى نوع السيارة، ولا تحفل بالتسعيرة التي قد تكون محددة في دفتر التحملات حين مرور صفقة كراء هذه المواقف في إطار الإعلان عن طلبلا العروض الذي تمظمه الجماع. لكن يظهر أن قرار المسؤول الأول عن اقليم النواصر حسم هذا الموضوع، مخلصا شواطئ دار بوعزة من محتكري فرض "الحراسة القسرية" على المصطافين.

فقد جاء القرار العاملي لعامل إقليم النواصر ليعيد الأمور إلى نصابها، بعدما أعلن بشكل رسمي أن مواقف السيارات على الشواطئ باتت مجانية، ومنع أي شخص غير مرخص له من استخلاص واجبات الوقوف، موكلا مهمة الإشراف على تنفيذ هذا القرار إلى السلطات العمومية، مدعومة بعناصر القوات المساعدة.

القرار الذي وُصف بالشجاع والمنتظر، خلّف ارتياحا كبيرا لدى المواطنين، خصوصا أولئك الذين اعتادوا التردد على شواطئ دار بوعزة لقضاء أوقات استجمام برفقة عائلاتهم. فبعد سنوات من الفوضى و"البلطجة المقنعة"، التي كان يمارسها بعض من يوصفون بأصحاب"الجيليات الصفراء"، وجد المصطافون أنفسهم هذا الصيف أمام واقع جديد أكثر احتراما للقانون وحقوق المرتفقين.

يقول "أحمد"، رب أسرة جاء من حي الرحمة رفقة أبنائه للاستجمام بشاطئ طماريس: "اليوم حسينا أننا في دولة الحق والقانون. لا صداع، لا ابتزاز، لا تهديد. ركنّا السيارة بلا مشاكل، وهنا كاين الجدارمية يراقبون الوضع، حسّينا بالأمان".

من جانبها،"أمينة"، وهي شابة جاءت مع أصدقائها من بوسكورة للاستجمام في شاطئ طمارس 2، هربا من لفحات الحرارة التي ارتفعت دراجاتها خلال الأيام الأخيرة، أشادت بالقرار، معتبرة إياه "انتصارا لكرامة المواطن ودفاعا عن حقه، وتطبيقا للقانون الذي طالما طالبت به فعاليات المجتمع المدني"، مؤكدة أنها و"لأول مرة منذ سنوات تحس بنوع من الراحة في غياب أشباح ترتدي "جيليات صفراء" تلاحق كل من أراد أن يركن سيارته ليستمع بساعات على شاطئ البحر. و"الأدهى ، تقول المتحدثة ذاتها، أن هؤلاء الحراس المزعومين يفرضون تسعيرات للوقوف حسب المزاج".

وخلال جولة لـ "أحداث أنفو" بشاطئ طماريس أمس السبت 21 يونيو، الذي صادف أول أيام فصل الصيف، وقفنا على الوجود المكثف لعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، الذين كانوا يسهرون على تنفيذ القرار ومنع أي محاولة لاستغلال المواقف من طرف الغرباء. كما تمّ نصب لافتات تُوضح أن الوقوف مجاني، وأنه لا يُسمح لأي شخص مطالبة المواطنين بأي مبلغ.

القرار لم يمرّ دون رد فعل من بعض "الجيليات" الذين اعتادوا السيطرة على مواقف السيارات، لكن التطبيق الصارم للقرار الذي تشرف عليه السلطات المحلية وقوات إنفاذ القانون بدار بوعزة، جعل محاولات المتربصين خجولة للعودة إلى الميدان، إذ سرعان ما تم إبعادهم من طرف رجال السلطة. ذلك ان عامل اقليم النواصر وفي مبادرة غير مسبوقة بدار بوعزة أولى عناية خاصة بالشاطئ، بعد الزيارة التي قام بها من جديد نهاية الأسبوع.

إنه فصل صيفي مختلف في شواطئ النواصر، حيث بات المصطافون يتنقلون بسياراتهم دون خوف من الابتزاز، ويستمتعون بأيامهم دون منغصات. قرار عاملي قد يبدو بسيطًا، لكنه بالنسبة لآلاف المواطنين خطوة كبيرة في طريق إعادة النظام إلى الفضاءات العمومية، ودرس في أن احترام القانون يبدأ من أبسط التفاصيل: موقف سيارة.