أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن اختيار موضوع "الجريمة المنظمة، التحديات والمسؤوليات المشتركة"، يعكس وعيًا جماعيًا متناميًا بأهمية مواجهة ظاهرة تتجاوز الحدود الوطنية وتتطلب تنسيقًا دوليًا أمنياً وقضائياً عابراً للقارات.
وأوضح في كلمة له ندوة دولية هامة جمعت نخبة من القضاة والخبراء ورجال القانون وممثلي المؤسسات القضائية والأمنية من عدد من الدول الإفريقية، أن تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أشار إلى تطور شبكات الجريمة المنظمة من حيث البنية والأسلوب، مستفيدة من التكنولوجيا الحديثة وهشاشة بعض السياقات الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أن المعطيات الرسمية أوضحت أن أكثر من 60% من الجرائم المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالبشر والمخدرات والأسلحة تتم عبر آليات رقمية أو بدعم من منصات إلكترونية.
وأبرز عبد النباوي، أن إفريقيا تعد من أكثر المناطق تضرراً من هذه الظاهرة، حيث تستهدفها شبكات دولية عابرة للحدود تنشط في الاتجار بالبشر ونهب الموارد وتغذية الصراعات، مستغلة ضعف آليات الرقابة في بعض دول الساحل والصحراء.
وأشارت تقارير الوكالة الأوروبية لحماية الحدود إلى ارتفاع بنسبة 50% في محاولات التهريب المنظم للمهاجرين غير النظاميين عبر البحر الأبيض المتوسط خلال السنتين الأخيرتين.
وأكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المغرب جعل مكافحة الجريمة المنظمة أولوية أمنية وقضائية، من خلال تبني سياسات تشريعية ومؤسساتية ترتكز على الوقاية والتجريم والردع والتعاون الدولي.
وأوضح أن المجلس انخرط بشكل فعال في دعم التخصص القضائي وتطوير التكوين المستمر ومتابعة الملفات ذات الصلة بالجرائم المعقدة، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الشبكات الإفريقية والأوروبية لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.
وشدد المجلس على أن التعاون والتنسيق شمال-جنوب ضرورة حتمية لمواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي لا يمكن لأي دولة التصدي لها بمفردها. وأكد أن الجهود لا تقتصر على وضع القوانين المناسبة فقط، بل تشمل أيضاً توفير الآليات التقنية والعلمية وتأهيل أجهزة البحث والتحري والموارد البشرية، خاصة القضاة وضباط الشرطة القضائية، عبر تكوين مستمر للإلمام بالأساليب الإجرامية المستحدثة وتمكينهم من تقنيات مكافحتها.
وأبرز أن خطورة هذه الجرائم تستدعي تعاوناً أمنياً وقضائياً عبر شبكات تنسيق وتواصل بين الدول لتبادل المعلومات في الوقت المناسب، داعياً إلى التفكير في توفير الدول الإفريقية على مثل هذه الآليات.
ودعا المشاركين إلى جعل الندوة فرصة حقيقية لتبادل التجارب وتقييم الممارسات ورسم أفق مشترك لمقاربة قضائية منسجمة ورادعة وفعالة لمواجهة هذا التهديد الخطير. كما جدد ترحيبه وشكره للسلطات الفرنسية على مساهمتها في تنظيم الندوة، متمنياً أن تثمر أعمالها عن توصيات عملية تعزز عدالة قوية ومنسقة واستباقية قادرة على رفع هذا التحدي الكبير.