قال قائد شرطة البوليساريو السابق مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، إنه من الضروري البدء بإخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة، وأضاف، في حوار مع "تلكيل عربي" و"تيلكيل"، أنه قد يكون من المفيد أيضا السعي لإخراج البوليساريو من الاتحاد الإفريقي. وهذه خطوات ضرورية قبل الوصول إلى لحظة الحسم السياسي.
واعتبر مصطفى سلمى أن المشكلة الحقيقية أن الصحراويين مغيّبون. لأن البوليساريو لم تسجنهم فقط بمعناها الحرفي، بل سجنت العقول، ومنعت التعدد، وألغت الأحزاب والجمعيات، وقمعت كل رأي مخالف. وسكان المخيمات، وهم الأغلبية، لم يعرفوا غير رأي واحد طوال أكثر من خمسين سنة: الاستقلال ولا شيء غير الاستقلال. مضيفا أنهم لم يُتح لهم يوما التعبير عن رأيهم، ومن حاول، كان مصيره الإبعاد، كما حصل له.
- سبق أن شجّعت علنا مبادرة الحكم الذاتي المغربية؛ مما أدى إلى اعتقالك من طرف جبهة البوليساريو، ثم لجوئك إلى موريتانيا. ومع مرور خمسة عشر عاما على هذه اللحظة، ما التوقيت أو اللحظة التي بدا لك فيها أن هذه المبادرة هي الحل لملف الصحراء؟
بدا لي ذلك في عام 2010، عندما زرت المغرب. سأشرح لك السبب. في المخيمات نعيش كأننا في جزيرة معزولة. تماما كما يقدّس الهندي البقرة لأنه نشأ في بيئة تقدّسها دون تساؤل، نحن كذلك نشأنا على تصوّر أن المغرب نقطة سوداء، لا نسمع عنه إلا الأخبار السيئة: انتهاكات حقوق الإنسان، ومحاولات إبادة الصحراويين، وغيرها من الصور القاتمة.
عندما دخلت إلى المغرب، بجواز سفر موريتاني في زيارة، كنت متوقعا أن أُعتقل في أي لحظة، لأن هذه هي الصورة النمطية التي رُسّخت في ذهني. قطعت حوالي 1200 إلى 1300 كيلومتر، من الحدود إلى مدينة السمارة، دون أن يسألني أحد. وعندما وصلت ورأيت الناس في السمارة والعيون، وجدتهم متعايشين، والصورة التي زُرعت في ذهني لم تكن موجودة.
النقطة الأولى التي لفتت انتباهي أن الناس هناك يعيشون معا بشكل طبيعي، والمشكلة التي تُروّج لها البوليساريو بشأن الأقاليم الجنوبية غير موجودة. وجدت والدي وإخوتي يعيشون حياة طبيعية، دون استثناء، بل ربما بتمييز إيجابي لصالح الصحراويين.
النقطة الثانية تتعلق بسؤال: ما هو المغرب بدون الصحراء؟ هل يمكن أن تنفصل الصحراء عنه؟ استراتيجيا، لا. إذا حدث ذلك، سيتحول المغرب إلى جزيرة، خاصة إذا أصبحت الصحراء تابعة للجزائر. سيكون محاصرا: البحر من الأمام، والعدو من الخلف.
هذه المعطيات أوضحت لي أمرين: أن التعايش ممكن، وأن إقامة دولة صحراوية غير ممكن.
- اطلعت بالتأكيد على المبادرة المغربية للحكم الذاتي. ما النقاط التي وجدتها فيها وتستجيب لتطلعات وآمال الصحراويين في مخيمات تندوف؟
سأجيبك بسؤال: ما الفرق بين ما تنص عليه المبادرة المغربية، والوضع الحالي داخل المخيمات في الجزائر؟ لا فرق. المخيمات كيان داخل دولة جزائرية. الدولة تحتفظ بالسيادة في السياسة الخارجية والدفاع والأمن، وهذا هو جوهر المبادرة المغربية. إذن، نحن نعيش منذ خمسين عاما في حكم ذاتي، لكن تحت سيادة الجزائر.
- القناعة التي تشكّلت لديك حول المبادرة، وإيمانك بأن المغرب لن يتخلى عن الصحراء، هل يشاركك فيها آخرون داخل المخيمات؟
لفهم ذلك، لا بد من العودة إلى الخلفية الثقافية. نحن مجتمع بدوي، كنا نعيش في قرى صغيرة مثل العيون والسمارة والداخلة. أغلب السكان كانوا في البادية. مجتمع البادية مجتمع قبلي منغلق، كل قبيلة تعيش بمعزل عن الأخرى، على عكس سكان المدن. هذه الخلفية تخلق تصورات تجعل من الآخر دائما غريبا.
حتى داخل الفضاء الصحراوي، من لا ينتمي لقبيلتك يُعد غريبا، حتى وإن تشارك معك الثقافة. وهذا ما يفسر طبيعة الانغلاق داخل المخيمات.
نحن انتقلنا من مخيمات الصحراء إلى مخيمات الجزائر، لكن العقلية بقيت نفسها. الناس ما زالوا يرون في القبيلة ملاذا وحاميا، وليس البوليساريو. لم يشعر الناس يوما أن البوليساريو هي من تحميهم. هناك تضخيم كبير لها، في حين أنها مجرد عنوان بلا مضمون، ولا تمثّل أيديولوجيا يمينية ولا يسارية، بل تفتقر لأي لون سياسي.
هي فقط اسمها "حركة تحرير" بدون مضمون فعلي. أغلب من يعيشون في المخيمات لا يؤمنون بالبوليساريو ككيان سياسي، بل فقط كوسيلة لتحقيق شيء واحد: "كنت أعيش في زمور، وأريد أن أعود وأعيش فيه وحدي كما كنت". هذا هو الحافز، وليس الإيمان بفكر تحرري أو مشروع سياسي متكامل.
البوليساريو توهم الناس بأن الاستقلال ممكن، بل حتمي. حتى الأمس القريب، كان سفير البوليساريو في الجزائر يعلن أن الاستقلال آتٍ لا محالة، ولا يتحدث إلا عن ذلك. نحن في بيئة بدوية تؤمن بأن الكبير لا يكذب، وشيخ القبيلة لا يُشكّك في كلامه. هذه الثقة العمياء تجري فينا منذ الصغر، ولذلك ما يُلقَّن للناس داخل المخيمات يصبح يقينا راسخا. البوليساريو تكرّر على مسامعهم منذ الطفولة أن الحكم الذاتي خيانة، وأن الاستقلال هو الحل، فلا تتاح لأي فكرة أخرى فرصة للظهور.
- كم استغرقت زيارتك للمغرب؟ وبمن التقيت هنا؟ وهل تواصلت مع جهات رسمية أو منظمات غير حكومية؟ حدثنا عن هذه الرحلة التي شكّلت نقطة تحول في موقفك.
زرت المغرب لغرضين: زيارة والدي، والاطلاع الشخصي. تجولت في السمارة والعيون لمدة شهر تقريبا، وهو ما كانت تسمح به التأشيرة. لم أتواصل مع أي مسؤول، لا من الصحراويين ولا من الإدارة المغربية، ولم أتصل بأي جهة رسمية أو غير حكومية. أردت أن أستنتج وحدي، من خلال ملاحظاتي. وحين تكونت لدي القناعة بأن الحكم الذاتي هو الحل الواقعي، بدأت أبحث عن طريقة للتعبير عن رأيي بحرية داخل المغرب، ثم أحمله معي إلى المخيمات حتى لا يقال إنني مجرد صدى لدعاية مغربية أو خضعت لأي ضغط خارجي.
- وماذا حدث بعد عودتك إلى المخيمات؟ كيف استقبلت البوليساريو موقفك؟ وما الذي واجهته؟
لفهم ما حدث، يجب أن تعرف بنية البوليساريو. هي كيان لا يُبنى على مؤسسات، بل على الانتماء القبلي. لا توجد أحزاب ولا تيارات. هي سلطة موزعة وفق الولاءات القبلية. أنا أنتمي لقبيلة "الرقيبات" القوية، وتحديدا لفخذ "الأوبهة"(أكثر من ربع الرقيبات)؛ لذلك كان وزني القبلي مُؤثرا.
إلى جانب ذلك، كنت المسؤول الأمني رقم واحد في الاختصاص الجنائي في البوليساريو؛ أي أن من سيحققون معي، أقل رتبة وخبرة مني. ولم يكن هناك أي سبب قانوني لاعتقالي، فموقفي لم يكن جريمة بل رأيا سياسيا.
هذا الوضع أوقعهم في حرج، شخص خبير أمني رفيع المستوى ينتمي إلى أكبر عائلة في المخيمات، والتهمة مجرد رأي سياسي لا يمكن تأطيره قانونيا.
لكن الإشكال الأكبر لم يكن في موقفي، بل في هويتي؛ لأن انتقال هذا الرأي إلى أكبر قبيلة في المخيمات كان بمثابة "فيروس خطير" يهدد السردية الرسمية للبوليساريو.
- وهل فعلا أحدث موقفك تأثيرا داخل القبيلة وسكان المخيمات؟
نعم؛ لأنني كنت أتمتع بمصداقية داخل عائلتي، والناس كانوا يثقون بي. لكن نحن مجتمع لا يؤمن بالتواصل غير المباشر. في بيئة بدائية، لا يُؤخذ بالراديو أو الإنترنت، بل بالكلمة وجها لوجه. البوليساريو استبقتني واتهمتني أمام الناس، وقالت إنني جئت لأقنعهم بالحكم الذاتي. أغلبهم لا يعرف حتى ما معنى الحكم الذاتي، لكنهم رفضوه لأن البوليساريو قالت إنه خيانة.
- هل سُمح لك بالتواصل مع سكان المخيمات بعد عودتك؟
لا، أوقفوني في الطريق، واعتقلوني في المنطقة العازلة قبل وصولي إلى المخيمات بـ400 كيلومتر تقريبا. كانوا يدركون أنني إذا تحدثت إلى الناس، فسأقنعهم. لم أكن أحمل سلاحا، ولا جئت بهوية جديدة، أنا نفس الشخص، فقط غيرت قناعتي. وهذه القناعة الجديدة مبنية على معطيات موضوعية، ولو شرحتها لأي شخص هناك، لفهم واقتنع.
لكل هذا، كان من المستحيل أن يسمحوا لي بدخول المخيمات. كانوا مستعدين لفعل أي شيء من أجل منعي من الدخول؛ لأن دخولي كان سيشكل انفجارا داخليا لا يستطيعون التحكم فيه.
- في ضوء كل ما ذكرته، وبما أن المغرب يسير منذ سنة 2011 في مسار الجهوية المتقدمة، هل ترى أن ذلك قد يتداخل مع مضمون الحكم الذاتي؟ وهل قد يشكّل تهديدا لتصوّرات الصحراويين عن الحكم الذاتي كما يقترحه المغرب؟
يجب أن نميّز بين مسارين. موضوع الصحراء لا يُعالج كملف داخلي مغربي، بل هو نزاع إقليمي معروض على الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهناك مبادرة مغربية مطروحة دوليا. أما الجهوية المتقدمة فهي تدبير داخلي.
الجهوية المتقدمة في المغرب، فعليا، هي حكم ذاتي. كثيرون يظنون أنها مجرد لامركزية إدارية، لكنها تمنح للجهات استقلالية شبه كاملة. المنتخبون يسيّرون كل شيء، والدولة المركزية لا تتدخل في التفاصيل اليومية. لكن هذه الحقيقة لا تصل كما هي إلى الناس، بسبب ضعف الخطاب التواصلي. ومع ذلك، تبقى قضية الصحراء خارج هذا السياق؛ لأنها مرتبطة بتعهدات دولية. والمغرب التزم أمام 115 دولة بالحكم الذاتي، ولا يستطيع التنصل من ذلك لاحقا، وإلا ستُنسف كل مكاسبه الدبلوماسية.
- من خلال حديثك عن الجهوية المتقدمة، بدا واضحا أنك ذهبت إلى تحليل سياسي عميق. هناك من يرى أن الحكم الذاتي لا يرقى إلى مستوى تقرير المصير الحقيقي. ما رأيك؟
هل الصحراويون من قالوا ذلك؟ المشكلة الحقيقية أن الصحراويين مغيّبون. البوليساريو لم تسجنهم فقط بمعناها الحرفي، بل سجنت العقول، ومنعت التعدد، وألغت الأحزاب والجمعيات، وقمعت كل رأي مخالف. سكان المخيمات، وهم الأغلبية، لم يعرفوا غير رأي واحد طوال أكثر من خمسين سنة: الاستقلال ولا شيء غير الاستقلال.
لم يُتح لهم يوما التعبير عن رأيهم، ومن حاول، كان مصيره الإبعاد، كما حصل لي. كنت مسؤولا أمنيا أول، وابن شيخ أكبر قبيلة في الصحراء، ومع ذلك تم طردي فقط لأنني عبّرت عن رأي مختلف. فما بالك بغيري؟ المشكلة إذن ليست في نوعية الحل، بل في أن من يُفترض بهم اتخاذ القرار لا يُسمح لهم حتى بالتفكير بحرية.
- بحكم موقعك السابق كمسؤول أمني أول داخل البوليساريو، كيف ترى إمكانية نزع سلاح مقاتلي الجبهة وإعادة إدماجهم في المغرب إذا تم التوصل إلى تسوية على أساس الحكم الذاتي؟ وهل تراهم قادرين على الاندماج بثقة في المنظومة المغربية، بما في ذلك الجوانب الأمنية والعسكرية؟
اسمح لي أن أبدأ بسؤال: هل سمعت يوما عن حركة مسلحة لا يتحكم جناحها العسكري في القرار؟
- لا!
إذن، هذا هو الحال. الجناح العسكري للبوليساريو غير موجود فعليا. لا يتحكم في أي شيء. لا يمتلك السلطة ولا يشارك في القرار. لو كان فاعلا، لرأينا ضباطا يتخذون قرارات أو يقودون انشقاقات.
الحقيقة أن البوليساريو أشبه بعصابة صغيرة يتبادل أفرادها المناصب: وزير اليوم، قائد عسكري غدا، ثم سفير، ثم وزير دفاع. لا يوجد جيش مستقل، بل مجرد بنية مشوشة. لو كانت هناك استقلالية عسكرية، لرأينا تمردا عسكريا حقيقًا، لكن جميع التمردات التي حصلت كانت مدنية.
الجناح العسكري منقطع عن أي عقيدة، ولا يرى نفسه كجيش. هم مجرد مقاتلين شاركوا في الحرب، وبعد انتهائها، عادوا إلى حياتهم بلا صلة حقيقية بالسلاح. لذلك، فإن الحديث عن إعادة الإدماج لا يُثير أي مخاوف. هذا التخوف غير قائم أساسا.
- كم عدد التمردات التي تعاملت معها خلال فترة مسؤوليتك الأمنية داخل البوليساريو؟
في الواقع، التمردات كانت قليلة جدا. أشهرها كان في عام 1988، وكان صراعا بين القيادات، وجوهره قبلي. قبل ذلك، في عام 1974؛ حيث كانت هناك مشكلات داخلية بين المجموعات المؤسسة للجبهة، لكنها كانت داخل الأراضي الجزائرية، قبل أن تتشكل المخيمات أصلا.
- لكن ألم تحدث تحركات احتجاجية لاحقة، كما في أواخر التسعينيات أو خلال عامي 2005 و2006؟
علينا ألا نطلق عليها وصف "مدنية". أي تحرك داخل المخيمات لا يحمل طابعا قبليا لا يكون له أثر حقيقي. لا توجد أحزاب، ولا مجتمع مدني، ولا جمعيات، ولا روابط مستقلة. الناس في المخيمات ينتمون لقبائلهم فقط، وليس لبعضهم البعض.
البوليساريو أجبرت الجميع على حمل صفة "مناضل"، كما في كوريا الشمالية حيث الجميع "شيوعي"، لكن بدون أيديولوجيا، ولا زعيم يحظى بالإجماع. لا أحد يؤمن فعليا بالبوليساريو، بل يخضع لها بحكم القبيلة أو الخوف.
أقوى مثال على ذلك وقع عام 2015، حين اختُطفت فتاة وأُرسلت إلى إسبانيا قسرا، فانتفضت قبيلة "لبيهات"، من أكبر القبائل، ونُظّمت مظاهرة كبرى أربكت القيادة. لماذا؟ لأن الحراك كان قبليا، وبالتالي مؤثرا. لذلك، أي تحليل للمخيمات دون فهم البنية القبلية، هو تحليل ناقص.
- نلاحظ في السنوات الأخيرة دعما دوليا متزايدا لمخطط الحكم الذاتي، من الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وحتى بريطانيا مؤخرا. هل تعتقد أن هذا الزخم قادر على تحريك مجلس الأمن وإنهاء الجمود في الملف؟
أنت تطرح السؤال كمغربي، وهذا مفهوم. ومن حقك أن تدافع عن بلدك، وهذه ميزة للموقف المغربي. ومع ذلك، دعنا نحلل بشكل موضوعي.
الموقف الأمريكي، مثلا، جاء في ولاية ترامب الأولى، عبر تغريدة شهيرة، ضمن صفقة ثلاثية، وليس من منطلق قناعة أمريكية ذاتية. ترامب رجل صفقات، وكل شيء عنده يُقايض.
أما الموقف الإسباني، فكان أكثر وضوحا. رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، قال في رسالته إلى الملك محمد السادس: "نعرف أهمية الصحراء بالنسبة للمغرب"، ومن هذا المنطلق، دعمت مدريد مبادرة الحكم الذاتي.
إسبانيا لم تقل إن الصحراء مغربية، بل اكتفت بالقول إنها تُدرك أهميتها بالنسبة للمغرب. أما فرنسا، فقد صرّح إيمانويل ماكرون بأن الحاضر والمستقبل يجب أن يكونا تحت السيادة المغربية، لكنه لم يشر إلى أي شرعية تاريخية. لا أحد من هذه الدول ذكر الحقوق التاريخية التي يستند إليها المغرب.
المواقف كانت براغماتية وتقوم على المصالح. إسبانيا تفكر من زاوية الهجرة والاقتصاد، بينما تحاول فرنسا، بعد أن خسرت مواقعها في إفريقيا، أن تحافظ على بعض النفوذ عبر المغرب وإلا ستخسر القارة كاملة. النجاح الحقيقي كان بفضل الدبلوماسية المغربية التي حولت خسائر الآخرين إلى فرص لها، واستطاعت جمع هذه المواقف في ظرف وجيز. لكن ماذا لو تغيرت هذه المصالح؟
الشرعية الصريحة الوحيدة جاءت من فرنسا بقولها إن مستقبل الصحراء يجب أن يكون تحت السيادة المغربية، ومن إدارة ترامب حين أعلنت صراحة أن الصحراء مغربية. أما باقي الدول، فهي تدعم المقترح المغربي كحل، لكنها تحتفظ بإمكانية تغيير موقفها إذا تغيّرت مصالحها.
نقطة أخرى، لا أحد له مصلحة في حل ملف الصحراء، ولن يمكن حله بتاتا دون تصفية الخواطر بين المغرب والجزائر.
في ظل هذه المعطيات، لا أتوقع أن يتخذ مجلس الأمن قرارا حاسما بفرض حل معين، بل سيستمر في التدرج نحو الموقف المغربي دون تبنّي خطوات حاسمة؛ لأن هناك إشكالا قانونيا ما زال قائما. فالإقليم ما زال مُدرجا لدى الأمم المتحدة كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، ويتطلب تقرير مصير، وهذا التقرير لا يمكن أن يُقرره مجلس الأمن أو أي هيئة أخرى نيابة عن سكان الإقليم.
من الضروري البدء بإخراج الملف من اللجنة الرابعة، وقد يكون من المفيد أيضا السعي لإخراج البوليساريو من الاتحاد الإفريقي. هذه خطوات ضرورية قبل الوصول إلى لحظة الحسم السياسي.
- ما هي الحوافز التي قد تدفع المجتمع الدولي نحو حل نهائي؟ وهل يمكن لتحول في موقف الجزائر أن يلعب دورا في الفصل بين القرار السياسي والمرجعية القانونية؟
الموقف الجزائري حاسم للغاية. وسأوضح السبب. سأرسل لك صورة توضّح المسألة بشكل ميداني. هي أمامك الآن. دعنا نبدأ من النقاط الأساسية. أولا، مدينة تندوف. ثانيا، الرابوني، عاصمة المخيمات. ثالثا، مركز المراقبة العسكرية الجزائرية.
هناك طريقان: طريق من تندوف نحو مركز المراقبة، وآخر من الرابوني نحو نفس النقطة. إذن، كلا الطريقين يلتقيان في نفس النقطة، التي تُعد نقطة الدخول والخروج من الأراضي الجزائرية.
من هذه النقطة، ينفصل الطريقان مجددا، أحدهما يتجه نحو "قمشه"، والآخر نحو "دار الله".
الصحراويون يسلكون طريق الرابوني نحو نقطة المراقبة، ثم يخرجون إلى شريط حدودي لا يحتوي على مركز حدودي موريتاني. أما الجزائريون، فيسلكون طريق تندوف إلى نفس النقطة، ثم يعبرون إلى المركز الحدودي الموريتاني.
وماذا عن الحزام الدفاعي؟ انظر جيدا إلى نهاية الخطوط الصفراء المتصلة، سترى الحزام الدفاعي المغربي قريبا جدا من الحدود الجزائرية والموريتانية، وفي بعض المواقع لا تفصله سوى خمسة كيلومترات عن الحدود الموريتانية.
هذا يعني أنهم فعليا محاصرون. ولهذا قلت إن الموقف الجزائري حاسم، خاصة بعد قرار موريتانيا بمنع أي تحركات عسكرية من المخيمات.
- هذا يذكّرني بتدوينتك الأخيرة، حيث قلت إن أقوى موقف داعم للمغرب لم يكن من الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا، بل من موريتانيا حين منعت عناصر البوليساريو من التحرك عسكريا عبر حدودها.
الصورة أمامك توضح كل شيء. إذا أراد هؤلاء محاربة المغرب، من أين سيعبرون؟ من أمامهم توجد موريتانيا.
- في السابق، كان المرور يتم من الأراضي الموريتانية، أليس كذلك؟
صحيح، ولكن انظر إلى الخريطة الآن، الصورة الميدانية تختلف كثيرا عن النظريات.
وصلتني صورة جديدة، هذه تُظهر الوضع قبل عام 2020. كان هناك طريقان، من تندوف ومن الرابوني، يلتقيان عند مركز جزائري، ثم يعبران نحو 30 كيلومترا داخل موريتانيا، قبل العودة إلى الصحراء.
- الآن تغير الوضع؟
تماما. الآن الطريق يبقى داخل الصحراء إلى أن يصل إلى منطقة تُدعى "تريانغيت"، قرب بلدة "بير موغرين" داخل موريتانيا، ومنها يُكملون نحو التاريتي، والمهيريز، والجنوب.
لماذا؟ لأن الحزام الدفاعي المغربي بلغ الحدود الموريتانية منذ عام 1984، ولم يعد هناك منفذ مباشر. موريتانيا فرضت نقطة عبور إلزامية، وهي "بير موغرين". الواقع كما هو أمامك، واستمر هذا الوضع حتى أسبوعين فقط. ثم جاء القرار الموريتاني الواضح الذي أُبلغت به الجزائر: لن يُسمح بعد الآن بأي تحرك عسكري عبر أراضيها. هذا يعني أن البوليساريو فقدت آخر منفذ ممكن، ولم يتبقّ لها سوى مسافة ضيقة تتراوح بين 50 و55 كيلومترا بين الجزائر والحزام الدفاعي. هي المسافة الوحيدة التي تسمح نظريا بالتحرك، ولكنها خاضعة لمراقبة صارمة. سأطرح عليك الآن سؤالا مهما: بين نهاية عام 1979 ومنتصف الثمانينيات، وقعت معارك شديدة في الزاك، وطانطان، وأقا، وطاطا. جميعها خارج مناطق النزاع. فلماذا توقفت تلك المعارك لاحقا، رغم أنه لم يكن هناك حزام دفاعي آنذاك؟
- نحن هنا لطرح الأسئلة، لا للإجابة عنها.
(يضحك) حسنًا، دعني أرسل لك خريطة أخرى لتتضح الصورة أكثر. من المهم أن يعرف المرء المعطيات من الميدان. الصورة النظرية تبقى مشوشة، بينما على الأرض، تتضح الأمور: ما هو ممكن وما هو غير ممكن.
هذه الخريطة الجديدة توضّح التسلسل الزمني لبناء الحزام الدفاعي المغربي. الجزء الأول، الملوّن بالبني، شُيّد في بداية عام 1982. الجزء البنفسجي، إلى يمينه، بُني في ماي 1984. أما الجزء الأخضر، فتم إنشاؤه في يناير 1985.
إذن، حتى عام 1984، لم يكن هناك سوى الجزء البني؛ أي أن الحزام الدفاعي لم يكن قد بلغ بعد المناطق الجنوبية. ورغم ذلك، توقفت البوليساريو عن شنّ الهجمات في الجنوب المغربي، في مناطق خارج النزاع. وهذا ما يطرح سؤالا حول أسباب هذا التوقف رغم عدم وجود حزام يردعها.
السبب يعود إلى أن الجزائر تعرّضت لضغوط كبيرة بعد معارك الجنوب، خصوصا بعد حصار الزاك عام 1980، والذي فُك في ماي من العام نفسه. الولايات المتحدة ضغطت على الجزائر، مؤكدة أن الأراضي المغربية خارج منطقة النزاع تُعد خطا أحمر يُمنع تجاوزه. ولأن هذه المناطق لا يمكن الوصول إليها إلا عبر الأراضي الجزائرية، منعت الجزائر منذ عام 1981 البوليساريو من العبور إلى أقا، والزاك، وطانطان، وغيرها من المناطق الجنوبية المغربية.
الجزائر سبقت الجميع في المنع، منذ عام 1981، ومنعت البوليساريو من مهاجمة الأراضي المغربية خارج نطاق النزاع. أما موريتانيا، فمنذ عام 1984، كانت متساهلة، وسمحت بعبور البوليساريو عبر أراضيها. لذا لا يمكننا أن نلوم موريتانيا قبل أن نلوم الجزائر، فهي أول من بادر إلى المنع.
- بمعنى أن الموقف الموريتاني الأخير ليس إلا امتدادا لنهج جزائري أقدم؟
بالضبط، الجزائر سبقت موريتانيا بأربعة عقود تقريبا. عندما نعود للتاريخ، نلاحظ أن البوليساريو لم تطلق رصاصة واحدة خارج منطقة النزاع منذ عام 1980، وهذا يؤكد أن الجزائر منعتهم منذ ذلك الوقت من ضرب أراضٍ مغربية انطلاقا من ترابها. أما موريتانيا، فصبرت طويلا على البوليساريو.
مع سريان القرار الموريتاني، لم يعد أمام البوليساريو سوى خيارين: إما المرور عبر الأراضي الجزائرية؛ مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع الحزام الدفاعي المغربي، أولا شيء. هذا الواقع يضعنا أمام احتمال حرب مباشرة بين الجزائر والمغرب إذا ما تم اللجوء إلى هذا الخيار.
من الناحية العسكرية، يحتاج الأمر إلى خطة شبيهة بعملية "المآذن العالية" التي استُخدمت لاختراق خط بارليف في حرب أكتوبر. الحزام الدفاعي المغربي يشبه خط بارليف من حيث التحصينات، ويضم قواعد عسكرية ودبابات ومنظومات دفاع. وبمجرد الخروج من الأراضي الجزائرية، يجد الخصم نفسه في مواجهة مباشرة مع هذا الحزام؛ ما يجعل أي تحرك يتطلب قدرات هائلة، خصوصا على مستوى الدفاع الجوي. وهذا أمر لا تستطيع البوليساريو إنجازه بدون تدخل مباشر من الجزائر.
- ولهذا وصفت تصريحات السفير التابع للبوليساريو بأنها "كاذبة"؟
نعم، لأن التفكير الاستراتيجي له مستويان: الآني، وبعيد المدى. حاليا، لا تملك البوليساريو أي هامش مناورة. القرار النهائي بيد الجزائر، فهي التي تمتلك القوة والتسليح. البوليساريو قد تخوض حرب عصابات، لكن ذلك يحتاج إلى أرض مفتوحة، وهي غير متاحة الآن.
عندما تواجه خطا دفاعيا مثل بارليف، فأنت تحتاج إلى "قوة صدمة" لتخترقه وتفتح ثغرة، وهذا يتجاوز قدرة البوليساريو. إمكانياتهم لا تسمح بذلك. لذا، يمكن القول إن البوليساريو متوقفة حاليا، لكنها لم تنتهِ. طالما لم يستسلم الخصم، تبقى الحرب قائمة، حتى لو كان ضعيفا أو متعبا.
ما دامت الجزائر تستضيف البوليساريو، فنحن دائما أمام تهديد قائم، حتى لو كان منخفضا حاليا، لكنه قابل للانفجار بتغير المعطيات. ولهذا، عندما نعود إلى خطاب الملك محمد السادس أمام البرلمان، نجد أنه طلب من البرلمانيين والمكونات السياسية المبادرة؛ لأن الظرفية الآن في صالح المغرب، ويجب استغلالها. عندما يكون الخصم في حالة تراجع، عليك أن تتحرك بأقصى سرعة لفرض الأمر الواقع ودفعه نحو الحل السياسي الذي يخدمك.
- في ظل هذه الظروف، كيف تبدو الحياة داخل مخيمات تندوف؟ هل لديك معلومات من الداخل؟
هل تعرف ما هو أكبر مكسب حققته البوليساريو حتى الآن، إنها الجمهورية الصحراوية. من الخارج تبدو كيانا خياليا أو وهميا؛ إذ نتحدث عن "دولة" داخل الأراضي الجزائرية. ولكن من الداخل، تجد رئاسة، وحكومة، وولايات، وبلديات، ونظاما إداريا متكاملا. المولود في المخيمات يحصل على شهادة ميلاد كـ"مواطن صحراوي"، ثم يذهب إلى المدرسة، ويبحث عن وظيفة، ويرى نفسه جزءا من دولة مثلها مثل أي دولة في العالم. من يعيش هناك لا يشعر أنه لاجئ، بل يرى نفسه داخل "دولة صحراوية" بكل تفاصيلها، في انتظار اليوم الذي تُنقل فيه هذه الدولة إلى داخل الصحراء.
- وهل ينطبق هذا الشعور على الجيل الجديد، المولود بعد عام 1991؟
بالتأكيد. هذا الأمر لم يحدث بالصدفة، بل نشأ عليه هذا الجيل. الدولة الصحراوية أُعلنت عام 1976، ومرّ الآن 49 عاما. هناك من صار جدا داخل هذه "الدولة". أجيال كاملة نشأت ضمن هذا الإطار، ولهذا لا يشعر هؤلاء الناس بأنهم في وضع غير طبيعي. غير الطبيعي لديهم هو أن يُطلب منهم الذهاب إلى دولة أخرى. بالنسبة لهم، الدولة التي يعيشون فيها هي دولتهم، حتى إن كانت في الخلاء أو تعاني الفقر.
الفكرة تشبه صنما رمزيا. يمكن تشبيهها بعجل السامري. السامري صنع لهم عجلا وقال لهم: هذا إلهكم. والجزائر أعطت قطعة أرض وقالت لهم: أسسوا فيها دولتكم. الجزائر هي السامري، والدولة الصحراوية هي العجل. وفي أي لحظة، إذا قررت الجزائر إنهاء هذا الكيان، سيتضح للناس أن ما كانوا يعتبرونه دولة هو مجرّد كيان بلا روح، بلا سيادة حقيقية.
- في حال تم تحريك المفاوضات بين المغرب والبوليساريو، ما الإشارات الرمزية التي قد تبرز؟
لنفهم ذلك، علينا النظر إلى النزاع كمثلث بثلاثة أضلاع: الجزائر، والبوليساريو، والصحراويون. المغرب يتنازع مع هذه الأطراف الثلاثة. الجزائر والمغرب بينهما خصومة تقليدية ممتدة وقديمة. الوضع تفاقم لأن المغرب بات أقوى على مستوى المؤسسات والاستقرار الداخلي، في حين بقيت الجزائر تعاني من أزمة نظام عسكري فقد ثقة الشعب. النزاع حول الصحراء أصبح ورقة مساومة في هذا الصراع الثنائي.
أما البوليساريو، فليست حركة موحدة كما يُروّج. النظام القائم داخل المخيمات هو مجموعة صغيرة تمسك بزمام الأمور منذ البداية. كثير من أعضائها ليسوا من الصحراء أصلا، بل جاؤوا من طانطان، وآسا، وكلميم، وموريتانيا، أو الجزائر. بعضهم شعر بالتهميش في مجتمعه الأصلي ووجد ذاته في هذا المشروع الذي وفر له السلطة والمكانة. لذلك، هذا التحالف مع الجزائر ليس مجرد تحالف سياسي، بل هو تحالف مصلحة وبقاء.
والضلع الثالث، الصحراويون. هؤلاء جمعتهم ظروف موضوعية وذاتية داخل المخيمات. عندما وقعت المسيرة الخضراء، لم تدخل إلى الصحراء، بل توقفت في منطقة الطاح. من دخل فعليا كان الجيش المغربي، من جهة، والموريتاني، من الجهة الأخرى. الصحراوي البسيط، الذي لم يكن يعرف شيئا عن الجيوش أو السياسة، رأى مجموعات مسلحة فجأة، فتصرف برد فعل فطري: الهروب أو المقاومة. البوليساريو كانت موجودة مسبقا، فاستغلت هذا الخوف وسوّقت لهم أن المغرب قادم للاعتداء عليهم، فهرب كثيرون إلى المخيمات لا بحثا عن الاستقلال، بل عن الأمان.
- إذن، الخوف هو ما أسس المخيمات، وليس الوعي السياسي أو مطلب تقرير المصير؟
نعم. الوعي السياسي كان غائبا تماما لدى السكان. الذين طالبوا بتقرير المصير هم عناصر البوليساريو الذين جاؤوا من الخارج، أما السكان الأصليون، فقد عاشوا مع إسبانيا لعقود ولم يطالبوا بشيء. لم يكن لديهم ارتباط بأي دولة، لا بإسبانيا، ولا بالمغرب، ولا بموريتانيا. كانوا يعيشون حياة بدوية مكتفية بذاتها، لا تحتاج إلى خدمات الدولة. وبالتالي، لم يكونوا في حالة صراع معها.
- ما الذي يجعلك مستقرا في موريتانيا اليوم رغم تغيّر قناعاتك وتحوّل رؤيتك لهذا النزاع؟ لماذا لم تعد للاستقرار النهائي في الأقاليم الجنوبية المغربية؟
أولا؛ وجودي في موريتانيا ليس خيارا، بل هو وجود قسري. عندما عدت من المغرب إلى المخيمات، كان هدفي أن أنقل صورة معينة لأهلي هناك. أردت أن أوصل لهم ما رأيته؛ لأن الناس في المغرب يسمّون من في المخيمات "مرتزقة"، وهو وصف أرفضه تماما. هذا مجرد سوء فهم. المغاربة نشأوا في بيئة مدنية، بينما من في المخيمات نشأوا في بيئة صحراوية وقبلية. الاختلاف الثقافي عميق، ولا يُفهم بسهولة.
حينما ستقرأ الصورة التي أرسلتها لك جيدا، سيتوضّح لك الإشكال. المجتمع الصحراوي قبل النزاع، وحتى الآن، ما زال قبليا. الإحصاء الإسباني قبل عام 1975 أظهر أن قبيلة الرقيبات شكّلت 52 في المائة من سكان الصحراء. أغلبهم الآن في المخيمات. هذه القبيلة، رغم قلّتها، كانت دائما النخبة في المجتمع الصحراوي. لا يمكن إقصاؤها من أي حل سياسي. وأنا منهم، وأعرف أن التحالف الطبيعي لنا هو مع الملكية المغربية، بحكم الموقع والدور والتاريخ. نحن بمثابة الحزام الجنوبي للمملكة، وضمانة لاستقرارها. إنه تحالف استراتيجي.
- وماذا عن أسباب بقائك في موريتانيا؟
كما قلت، وجودي اضطراري. طُردت من المخيمات، ولا أملك وثائق تسمح لي بالمغادرة. المشكلة الثانية: ماذا سأفعل في المغرب؟ أغلب أهلي ما زالوا في المخيمات. لا يوجد تواصل فعلي معهم. أحاول من هنا أن أوصل لهم رسالة: أن المغرب هو الخيار الواقعي، وأنه لم ولن يتخلى عن الصحراء. بل يمكن التعايش معه بنسبة 200 في المائة. الصورة التي يحملها سكان المخيمات عن المغرب غير صحيحة، وهي مبنية على معلومات قديمة أو مشوهة.
- هل تعتقد أن هذه الرسالة قد تصل فعلا؟
أتمنى ذلك. رغم أنني دفعت ثمنا باهظا، فُصلت عن أبنائي، ولم أتمكن من حضور جنازات والديّ، وتحملت معاناة شخصية وعائلية كبيرة، لكن الهدف أسمى من ألمي. أريد للصحراوي أن يعرف الحقيقة: المغرب هو أقرب حليف له. نعم، حدثت تجاوزات في السبعينيات، ولكنها طُويت. داخل المغرب، حتى من دون حكم ذاتي، تبقى مكانة الصحراوي محفوظة. الهُوية الصحراوية تُعدّ ركيزة من ركائز الدستور المغربي.