«هل ستكتفي بالمشاهدة؟
كل يوم يسلب من أهل غزة حقهم في الحياة...
أصواتهم تختنق تحت الركام، وآمالهم معلقة بقلوب لا تزال تنبض بالرحمة.
أطفال ينامون على أصوات الانفجارات...
أمهات يحضن أبناءهن دون طعام، دون أمان، فقط خوف ودموع.
أحلام بريئة تدفن قبل أن تولد... وعيون صغيرة تنتظر من يراها، من يشعر بها.
لا تجعل إنسانيتك تقف عند المشاهدة فقط.
كن يد العون، كن الأمل الذي ينتظرونه.
تبرع وشارك في تخفيف المعاناة».
هذه دعوة حقيقية للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وهي واحدة فقط من المبادرات العديدة واليومية، التي أطلقها وكالة بيت مال القدس الشريف بقيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، عبر مختلف منصاتها للتخفيف من معاناة الفلسطينيين. وقبيل العيد نظمت التفاتة تضامنية وإنسانية جديدة من خلال حملة لفائدة 350 عائلة فلسطينية متعففة في القدس، في أجواء تميزها مظاهر تضامن المغاربة، مع الأشقاء الفلسطينيين.
بالروح والقلب تعبر المملكة المغربية وشعبها عن التضامن الفعلي لا بالشعارات الفارغة والأفعال الحمقاء، التي تضمر أكثر مما تظهر.
المبادرات الإنسانية المغربية ليست معزولة ولا تنتظر خارج فلسطين إشارة لتصل إلى بيوت الفلسطينيين بل هي عملية يومية من بين العمليات الإنسانية التي يقوم بها المغرب تجاه الفلسطينيين في محنتهم جراء العدوان الإسرائيلي.
قبل ذلك كان هناك اختراق مغربي بري للمساعدات الإنسانية إلى قلب غزة، عندما أعطى جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، تعليماته لإطلاق عملية إنسانية تهم توجيه مساعدة غذائية، عن طريق البر، لفائدة السكان الفلسطينيين في غزة ومدينة القدس الشريف. المساعدات الإنسانية كسابقاتها جاءت للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، ومرت بشكل غير مسبوق إلى قطاع غزة عبر مطار تل أبيب لتصل إلى البيوت الفلسطينية.
هي مبادرات مغربية صرفة لا نعلم الكثير منها، لأنها بكل بساطة لا تستعمل كواجهة إعلامية، فالمغرب وملكه يعيان جيدا أنهما يقومان بواجب تخلت عنه العديد من الدول التي تدعي كذبا وبهتانا احتضانها للقضية الفلسطينية.
ومن بين هذه الأساطير الكبرى «القافلة» أو «المسيرة» التي تدخل في إطار التضامن التدليسي الذي يمارسه نظاما دولتين تذبح فيهما الديموقراطية يوميا، والتي ليست سوى بروباغوندا منفوخة بالهواء تملؤها الثقوب. النظام الجزائري قمع المتظاهرين من أبناء شعبه الذين خرجوا للتضامن، ويقف اليوم ليروج لقافلة تدعي الحق ومرادها باطل، بعدما أعلن رئيسه ذات نكتة أنه سيرسل جيشه إلى فلسطين، ولازلنا ننتظر جيش الفاتحين هذا!!
وفي الوقت الذي يعلن التضامن مع القضية دفاعا عن وحدة التراب الفلسطيني، تكشف الشعارات والملصقات والخرائط المروجة للقافلة عن عداء واضح للوحدة الترابية للمغرب، تقصى خلالها الأقاليم الجنوبية بفعل مقصود من خارطة المملكة.
لا تستفيد القضية الفلسطينية من هذا الهوس التضامني السياسوي، في حين تحتاج إلى فعل ديبلوماسي حقيقي لوقف العدوان الإسرائيلي. هو فقط طعم لدى بعض الأنظمة ترمي به لشعوبها كي تلهيهم عن الكوارث التي ترتكبها في حقهم، ثم تصرفه في منصات التواصل الاجتماعي كي تتدحرج كرة الثلج وتكبر أكثر لتحجب البصر والبصيرة.
التيارات التي تتنازع المجتمع بدوره تجد ساحة الإيديولوجيا مناسبة لاستعراض عضلاتها في مثل هذه الفترات من «التدافع» كي تبحث لها عن موطئ قدم، وتسوق إلى بيتها المزيد من الأتباع بدعوى القضية المتلبسة بالدين والدين منها براء. هنا تصبح الحناجر والشعارات أداة للحشد سرعان ما تتبخر في الهواء دون أن تثبت أي شيء، اللهم ما تتستر به من معارضة خفية وخلط للأوراق.