لنجاح إذاعة "ميد راديو" أسباب عديدة، لكن أهم سبب يجعل هذه الإذاعة تعتلي صدارة زميلاتها في المغرب هو اعتناقها لتمغربيت بالكامل في خارطة برامجها، وفي كل حصصها وفقراتها، وفي خطها التحريري، وفي كل مايهمها من قريب ومن بعيد.

إذاعة مغربية لاتتعالى على جمهورها، بل تجعله سبب وجودها الرئيسي، وتلبي له مطالبه الإخبارية والتثقيفية والترفيهية في قالب مغربي صرف، يعرف معنى الاستجابة لأضلع الخدمة الصحفية الثلاثة هذه مع الحفاظ على الروح الأهم: روح تمغربيت.

لذلك لم نستغرب الأربعاء الفارط الأرقام الجديدة، المفرحة التي أتت عن نسبة متابعة هذه الإذاعة، خصوصا وأننا، بالإضافة إلى كوننا مستمعين أوفياء لها، نعتبر أنفسنا من أبناء الدار، ونعرف كثيرا عن سير العمل داخلها، وعن الأجواء المريحة المتوفرة لعناصرها، وعن الانتماء العائلي والأسري الذي يجمع طاقمها، مايجعلنا غير مستغربين لهذه الريادة، بل يجعلنا مطمئنين إلى أنها ستستمر - بإذن الله - سنوات أخرى كثيرة إضافية، لأن نصيب المجتهد هو النجاح، ولأن قدر من يعمل هو التفوق باستمرار وجني ثمار هذا العمل الدائم.

ونعرف طبعا أن البعض نظر شزرا لهذا النجاح الجديد، لأن فئة من القوم قررت في الآونة الأخيرة أن تعادي برامج هذه الإذاعة الناجحة، وفي مقدمتها البرنامج / النجم "غرفة الفار"، لأنه، مثل بقية برامج القناة الإذاعية، برنامج يؤمن بمنطق "شرح ملح" المغربي الجميل، ويعادي لغة الخشب السائدة في الأماكن الأخرى، وينتصر بشكل واضح للمغرب، في الصغيرة قبل الكبيرة، ويقول الحقائق الأربعة مثلما يؤمن بها دونما اهتمام بالافتراضي الوهمي وديكتاتوريته التي يريد جعلها سيفا مسلطا على رقاب الجميع.

وحتى مع هذا النوع من الجمهور، وهو جمهور وفي، يكره الإذاعة، لكن يدمن على متابعة كل ماتقدم، تتعامل "ميد راديو" تعاملا حكيما وعاقلا، إذ استضافت غير مامرة، وفي كثير من برامجها ضيوفا محسوبين على هذه الطائفة الثانية، غير الناجية (لكي نضحك قليلا)، لأن الإذاعة تؤمن بأن المغرب ملك كل أطيافه، ومن الضروري الإنصات لكل أصواته، بما فيها تلك التي قد تحمل في قلبها شيئا آخر غير الود.

ذلك أن هذا التمرين الديمقراطي الذي يعلمنا الإنصات لكل الأصوات، وفي مقدمتها الأصوات التي تخالفنا، هو تمرين ضروري للبلد كله، ويجب أن نعود أنفسنا جميعا عليه، إذا ما أردنا السير فعلا بوطننا إلى الأمام.

المهم، هذه إذاعة مغربية فتية أثبتت أن الوصفة المغربية هي وصفة صالحة للنجاح، وهي تستحق منا جميعا بمناسبة الأرقام الجديدة التي بوّأتها الصدارة المستحقة التهنئة الصادقة، والترنم العفوي والمرح مع كل طاقمها دون أي استثناء : "الشرعي ووليداتو…حتى إذاعة ماغلباتو".

ألف مبروك الصدارة، وحي على مزيد من العمل أيتها الزميلات وأيها الزملاء.