احتضنت الثانوية الإعدادية سكني بمدينة الدار البيضاء، حفل تكريم الكاتبة والأكاديمية لطيفة لبصير، أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك – جامعة الحسن الثاني، بمناسبة فوزها بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها التاسعة عشرة، عن روايتها الموجهة لليافعين "طيف سبيبة"، التي حصلت على جائزة فرع أدب الطفل والناشئة.

ويأتي هذا اللقاء في إطار الاعتراف بأهمية الجائزة التي تحتفي بالفكر والإبداع العربي، وتشجع على تعزيز التقارب الثقافي والانفتاح، كما تسهم في إبراز أعمال تستحق الانتشار وتفتح آفاقا جديدة للقراء الشباب.

وشهد اللقاء حضور مدير المؤسسة عمر حندار، وممثلة جمعية الآباء، إلى جانب مجموعة من التلاميذ والتلميذات المنخرطين في نادي القراءة والإبداع، الذين عبروا عن تقديرهم لموضوع الرواية، الذي يلامس فئة الأطفال من ذوي طيف التوحد، كما ثمنوا التفاتة الكاتبة إلى هذه الفئة وإلى شريحتهم العمرية من خلال هذا العمل الأدبي.

وتوزعت فقرات اللقاء بين قراءات نقدية وتفاعلية مع الرواية، قدمها التلاميذ من زوايا متعددة. فافتتح التلميذ إلياس أشكاج الجلسة بعرض شامل للرواية وأبرز ملامحها، فيما اختارت التلميذة خولة الصالحي التركيز على تطور شخصية راجي في مداخلتها المعنونة بـ"إبداعات راجي"، مبينة دور الأم في مرافقته ومساعدته على اكتساب مهارات جديدة مثل السباحة وصناعة الحلي، مما يعكس تطور تواصله مع محيطه.

من جهتها، قدمت التلميذة وصال التاج قراءة بعنوان "مواقف انفعال شخصيات الرواية"، رصدت فيها تجليات التوتر والانفجار العاطفي لدى شخصيات النص، خاصة راجي وهبة، شقيقته التي عبرت عن معاناتها بأسلوب مختلف، حيث كان انفجارها صامتا نتيجة شعورها بالتهميش في ظل انشغال الوالدين بابنهما.

وسلطت التلميذة إخلاص المنصوري الضوء على قيمة التفاصيل اليومية في حياة راجي، ووصفتها بـ"نافذة لتحولات كبيرة"، مؤكدة أن هذه التفاصيل رغم بساطتها لعبت دورا محوريا في إعادة تشكيل مسار الشخصية. فيما اختارت التلميذة ريم خريبش تتبع بعض المشاهد الطريفة التي أضفت على أجواء الرواية بعدا إنسانيا محببا وخففت من ثقل التوتر النفسي.

أما التلميذة بسمة كميح، فقد ناقشت في كلمتها موضوع التنمر ورفض الاختلاف، داعية إلى نشر ثقافة الإدماج والتقبل، خاصة داخل المؤسسات التعليمية، وأبرزت ما يتعرض له أطفال طيف التوحد من عزلة وسوء فهم، ما يفرض الحاجة إلى مزيد من التوعية والتضامن.

وقد شهد اللقاء تفاعلا كبيرا من الأمهات الحاضرات، اللواتي عبرن عن إعجابهن بموضوع الرواية الذي جعلهن يفتحن نقاشا داخل أسرهن حول قضايا الطفولة والتوحد والعلاقات الأسرية. كما أبدين تعاطفا مع شخصية هبة، واعتبرن حضورها في النص تجسيدا لصوت مهمش داخل التجربة الأسرية، ما أعطى للرواية بعدا عاطفيا وإنسانيا مضاعفا.

وفي مداخلتها، أشادت الكاتبة لطيفة لبصير بعمق الأسئلة التي طرحها التلاميذ، وعبرت عن امتنانها لهذا الاحتفاء الذي يترجم تفاعل القراء الشباب مع النصوص الأدبية، مؤكدة أن التفاعل مع رواية "طيف سبيبة" تجاوز ما هو قرائي إلى ما هو شعوري وتربوي داخل البيت والمدرسة معا.

واختتم اللقاء وسط أجواء احتفائية، عبر فيها الجميع عن فخرهم بهذا التتويج المغربي المستحق، وبالرسالة النبيلة التي حملتها الرواية، والتي جعلت من الأدب وسيلة للتواصل والدعم النفسي والاجتماعي.