كشف لقاء دولي نظمته الأممية الاشتراكية للنساء في إسطنبول، يومي 21 -22 مايو الجاري ، عن تطور لافت في المشهد السياسي المتعلق بقضية الصحراء، تمثل في كسر حالة الهيمنة التي ظلت تمارسها جبهة البوليساريو الانفصالية لسنوات طويلة على خطاب تمثيل الصحراويين في المحافل الدولية.
فهذه المرة، لم تكن البوليساريو الصوت الوحيد الحاضر، بل شاركت إلى جانبها وفود تمثل وجهات نظر مختلفة من قلب الصحراء المغربية، حيث شهدت أشغال هذا اللقاء مشاركة نشطة لوفد نسائي مغربي، إلى جانب ممثلات عن حركة "صحراويون من أجل السلام"، وهو ما أضفى بعدا جديدا على النقاش، كاشفا عن واقع تعددي يعكس تنوع مكونات المجتمع الصحراوي ومواقفه السياسية.
وفي هذا السياق، عبرت ميمونة الدليمي، المتحدثة باسم وفد حركة "صحراويون من أجل السلام"، فيتصريح صحفي، عن أهمية هذا التحول، مشددة على أن الصوت الصحراوي لم يعد محصورا في رؤية واحدة، بل بات يتجسد في طروحات متعددة تعبر عن تطلعات حقيقية لنساء ورجال المنطقة.
وقالت ميمونة"بالنيابة عن وفد النساء التابع لحركتنا، نتقدم بخالص الشكر للسيدة جانيت كاميلو، رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، على دعوتها الكريمة للمشاركة في هذا الحدث الهام الذي يجمع نساء العالم.”
معبرة عن ارتياحها للانضمام إلى هذه العائلة السياسية التي قالت أنها تشاركها المبادئ الإيديولوجية والسياسية، وتعتبرها المرجعية الأساسية للقوى التقدمية الساعية لبناء عالم أفضل قائم على السلام والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وبالمناسبة، أوضحت الدليمي أن حركة "صحراويون من أجل السلام” التي تأسست قبل ست سنوات، تهدف إلى تقديم "طريق ثالث” لحل النزاع الصحراوي عبر الحل السلمي، وتكريس قيم الديمقراطية والتعددية السياسية داخل المجتمع الصحراوي، وإنهاء حقبة الأنظمة الأحادية التي ما تزال تؤثر على المنطقة، داعية جميع القوى السياسية التقدمية إلى دعم هذا المسعى الذي يسعى إلى إنهاء معاناة الشعب الصحراوي وإحلال السلام والاستقرار.
وحسب مراقبين، فإن اللقاء أكد بما لا يدع مجالا للشك أن جبهة البوليساريو لم تعد وحدها من يتحدث باسم الصحراويين بعدما الصورة تغيرت وسقطت ورقة الاحتكار، من خلال مشاركة وفد نسائي مغربي وحركة "صحراويون من أجل السلام" في لقاء إسطنبول، مما حمل في طياته إعلانا صريحا بأن الصوت الصحراوي متنوع، وأن الواقع في الجنوب المغربي لا يشبه الروايات القديمة التي كان يتم الترويج لها من طرف جهة واحدة.
كما ان هذه المشاركة لم تكن فقط رسالة سياسية، بل كانت أيضا تعبيرا عن تطلعات فئات واسعة من نساء وشباب الصحراء، ممن اختاروا الدفاع عن مشروع يرتكز على العمل، والكرامة، والتنمية، و لا يجد مكانا له فيه للخطابات البالية أو للأوهام الانفصالية التي تجاوزها الزمن.
ولعل أبرز ما كشفه هذا الحضور المتعدد هو أن المجتمع الدولي بدأ يلتفت لحقيقة الأمور، ويفهم أن الحل لا يمكن أن ينبني على صوت واحد أو رؤية أحادية، بل على تعددية حقيقية تعكس تنوع الآراء داخل الصحراء، و يؤكد أن زمن الوصاية على القضية الصحراوية قد انتهى، وأن الشرعية تكتسب من الأرض ومن الناس لا من الشعارات الجوفاء.