نحن من جيل كانت تمر قربه سيارة الشرطة، فيهرب دون أن يكون قد ارتكب شيئا، لذلك عندما نرى اليوم تلاميذ المدرسة من المغرب كله، وهم يلحون على معلميهم وأساتذتهم لكي يصطحبوهم في رحلات منظمة إلى الأبواب المفتوحة للأمن الوطني التي انتهت الخميس في الجديدة، نشعر بفخر شديد أن هذا التغيير الهادئ والواعي والعالم، الذي مس هذا الجهاز قد آتى أكله، وغير بشكل كامل الصورة التي كانت لدى المغربي عن الأمن، وصنع جسر تواصل جديد هو العلاقة السوية التي تربط اليوم مواطن المغرب بمرفق عمومي في خدمته.
لذلك حل ما يقارب مليوني و400 ألف مواطن بهذه الأبواب، مسجلين تدفقا خرافيا لمواطنين يريدون رؤية ماتقترحه هذه الأبواب من عروض وأروقة، لكن يريدون أساسا التعبير عن افتخارهم بتحديث وتغيير هذا الجهاز، وتقديرهم للدور الذي يقوم به في حماية أمن الناس.
هذه الشهادة الشعبية، إذ تضاف إلى التنويه الملكي السامي دائما في كل خطب جلالته بالأمن الوطني، ونسائه ورجاله، تضع على كاهل هذا الجهاز مسؤولية أكبر، وتطوقه بمهمة الحفاظ على هذه الصورة الإيجابية، وتعزيزها وتطويرها، والذهاب كل مرة أبعد في خدمة الوطن والمواطنين.
المغاربة قوم بفراسة قوية وسليمة، ولا يمكنك أن تخدعهم، أو أن تمثل عليهم ما ليس فيك. لذلك يعرفون جيدا التمييز بين من يشتغل فعلا، وبين من يكتفي بتمثيل دور المشتغل.
لذلك لم نستغرب نحن الرقم الكبير من الزائرين الذين حلوا بالأبواب المفتوحة، عكس بعض "رعاع الأنترنيت"، (الذين أسميناهم في عمود سابق "بؤساء الكونيكسيون"، وقلنا إن الكونيكسيون أنواع وأشكال) الذين أصابهم السعار بسبب هذا الإقبال الكبير من الشعب على احتضان أمنه، والذين كانوا يعتقدون أن فيديوهاتهم البئيسة في "اليوتوب" وغيره التي تستهدف قيادة الأمن الوطني في اليوم الواحد عشرات المرات، ستؤثر في الناس، أو ستقنعهم بصدق هؤلاء الرعاع.
العكس تماما هو الذي حصل، والشعب قال لهؤلاء الكاذبين إن المذمة عندما تأتي من الناقضين تصبح وساما ومصدر فخر وشهادة على الكمال، مع أن الكمال لله وحده.
صفعة الإقبال الجماهيري الكبير هذه على خد وبقية أطراف جسد هؤلاء الكاذبين، هي هدية المغاربة لهم، وهي الطريقة التي يقول لهم بها الشعب مدى احتقاره لكل ما يقترفونه من كوارث يوميا بغباء منقطع النظير، دون أن يستطيعوا التوقف ولو لهنيهة لطرح السؤال المهم والأساسي: ماذا نفعل؟ وهل سنحقق بهذا الحقد التحريري المحرك لنا مانريده من أهداف؟
طبعا هم لايستطيعون، لأن النقد الذاتي فعل عاقل لايستطيعه إلا العارفون. أما مع "رعاع الأنترنيت"، فالحل الوحيد لإسكاتهم هو قطع "الكونيكسيون" عنهم، وفي حكاية "الكونيكسيون" هاته، هناك كلام ضروري لابد من قوله في يوم من الأيام، لأن هؤلاء الرعاع مجرد أدوات صغيرة، يشغلها بحقد أكبر مختفون وراء الستار، قلوبهم وسيوفهم لم تكن في يوم من الأيام لا مع علي ولا مع معاوية، بل هي مع مصلحتهم الصغيرة، ومع أنانيتهم الأصغر، وإن ورطوا البلاد مرة بعد الأخرى في كوارث تحمل بصمتهم رغم كل محاولات الإخفاء.
المهم، والأهم: مبروك لإخواننا وأبنائنا في الأمن الوطني نجاح أبوابهم المفتوحة، وهاهم قد تلقوا مجددا من الشعب رسالة التقدير من أجل مواصلة العمل الهادئ والعميق والجاد والجدي، خدمة لبلادهم ولشعبهم، لذلك لا راحة ولا توقف، بل المزيد من الاشتغال والعمل، فالمغرب العظيم يستحق كل التضحيات.