لا وقت للكلام والتصريحات، بل الوقت فقط للعمل، ولضبط عقارب الساعة المغربية على الجدية، والمعقول، ثم المزيد من المعقول.

لا وقت أيضا إلا للاطمئنان على حال الناس، وأوضاع البلاد والعباد، من السؤال الملكي في المجلس الوزاري المنعقد الإثنين، حول تأثير التساقطات المطرية الأخيرة على الموسم الفلاحي، والتي أتت فرجا من الله بعدما كاد عباده يقنطون، والتي غيرت بشكل كبير المؤشرات، وجعلتها تنحو إلى الإيجابية، حتى التوصية الملكية الصارمة بضرورة الاستفادة من عملية إراحة القطيع الوطني هذه السنة، وضرورة أن تكون عملية إعادة تكوينه ناجحة، ثم الاستفسار عن وضعية السدود في مختلف أنحاء المملكة، إيمانا بأهمية الماء الحيوية التي لم تعد يحتاج إبرازها أي كلام.

جعل جلالة الملك من لحظة المجلس الوزاري أول أمس أيضا لحظة تعيينات في مناصب سامية كثيرة، امتدت من سلك القضاء والعدالة، إلى تعيينات سفراء جدد لجلالته في دول شقيقة وصديقة، إلى التعيينات الأخرى لولاة وعمال جلالته على مدن مغربية كثيرة، مرورا بتعيينات هامة ودالة في مؤسسات كبرى حيوية للبلاد، تكتشفونها داخل العدد، وتكتشفون من خلال زخم التحركات الملكية المكثفة والمحددة، هذه الأيام، أن المغرب يدرك جيدا أهمية الزمن، وأهمية أن يكون مستعدا للأجندة الإقليمية والدولية التي تنتظره في الأعوام المقبلة، وهي أجندة تسير كلها وفق مصلحة بلدنا، لا بسبب الصدفة، لكن بسبب قطف ثمار العمل الحكيم الهادئ، والمستمر سنوات وسنوات، والذي أكد للداخل وللخارج جدية المملكة في التعامل مع كل مواضيعها، وأعاد التأكيد على أن الأوراش العملاقة المفتوحة تضع نصب عينيها الإنسان المغربي وتنميته ومصلحته أولا، ثم تضع رهانا لها إدخال المغرب، باستحقاق لا عن ادعاء، نادي البلدان الفاعلة في محيطها، المسموعة كلمتها، القادرة على تحقيق ما تعد به باستمرار، وإن بدا للبعض كبيرا أول مرة وغير مقدور عليه.

هذا الحماس الملكي الكبير، وهذا الطموح غير المحدود للمغرب، يلزمه باستمرار رجال ونساء، يعرفون معنى الحماس ومعنى الطموح، ولا يتوقفون عند لحظات تعيينهم في مناصب معينة باعتبارها آخر المطاف، أو قمة المراد.

ذلك أن المراد الوحيد من هذه التعيينات هو خدمة الوطن أفضل، وتقديم كل المعرفة والجهد والكفاءة له دونما توقف، والاقتناع دوما وأبدا أن هذا الملك وهذا الشعب، يستحقان من المتميزين من أبنائنا وبناتنا الذين يصلون إلى مواقع المسؤولية، كل في ميدانه، أن يكونوا في مستوى الثقة الملكية السامية، وأن يكونوا في مستوى الشعب المغربي الذي لا ينتظر منهم إلا العمل المثالي، من أجل تحقيق ما يستحقه هذا الوطن.

باختصار، ملكنا يقول لنا من خلال عمل جلالته الدائم، ومن خلال تتبعه الصغيرة قبل الكبيرة، ومن خلال إنصات السدة العالية بالله لنبض المجتمع، في كل منصاته، والاستجابة باستمرار لهذا النبض، والتفاعل الإيجابي معه، ألا وقت لدينا نحن جميعا إلا للعمل، ثم العمل.

العمل الجاد والجدي والمسؤول والمحترم للأمانة، والمقدر حق قدرها ثقة الملك وانتظارات الشعب.

هكذا تحدث ملكنا فعليا وعلى أرض الواقع، وهكذا فهم الشعب الرسالة، والكرة الآن في ملعب كل المسؤولين، سواء من عينوا حديثا، أو من تحملوا المسؤولية منذ وقت سابق لكي يكونوا في مستوى المغرب وملكه وشعبه، ولكي يؤدوا الأمانة بما تستحقه من مسؤولية، وجدية واحترام.