أعاد تداول فيديو يوثق لزيارة أطفال بمخيمات تندوف لمتحف عسكري يعج بصور الجثث والأشلاء وحطام الأسلحة، تسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة المجبرة على تعلم أبجديات الكره والعنف على يد قيادات البوليساريو، وذلك ضدا على كل المعاهدات والمواثيق الدولية الداعية لحماية حقوق الأطفال، والنداءات المتكررة المحذرة من استغلال الأطفال داخل المخيمات، والتي كان آخرها خلال الدورة 58 لمجلس الأمن المنعقدة بجنيف مارس الماضي، حيث وصفت جوديت كاسامبير سيغارا، ممثلة اللجنة الدولية لاحترام وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،  أن الوضع بالمخيمات لا إنساني للأطفال المحرومين من طفولتهم والمجبرين على التجنيد.

ووثق الفيديو لعبارات تعكس جهود قيادات البوليساريو في غسل أدمغة الأطفال، حيث حرص منظم الجولة الذي كان يرتدي بذلة عسكرية، على دعوة الأطفال للانتقام وتعلم التكنولوجيا لمواجهة درونات المغرب، وهو ما اعتبره رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، محمد سالم عبد الفتاح، في تصريح لموقع "أحداث أنفو"، استمرارا لسلسلة من " الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال الأساسية بمخيمات تندوف، وذلك باعتبارهم من الفئات الهشة إلى جانب النساء وكبار السن الذين يشكلون معظم ضحايا النزاعات بشكل عام، ما يرسخ هذا الوضع الاستثنائي في مخيمات تندوف ، حيث البيئة العسكرتارية القمعية المفروضة".

واعتبر عبد الفتاح أن الميليشيا الانفصالية تحرص على استهداف  مكون الأسرة ضمن محاولة لتفكيك المجتمع والتحكم فيه، وذلك بغرض فرض الحزب الواحد و أطروحة البوليساريو على قاطني المخيمات، موضحا أن عملية الانفراد بالأطفال تتم من خلال " إرغام  الآباء على الالتحاق بالجبهات العسكرية، إلى جانب التضييق على الأسر في الحقوق المترتبة على وضعية اللجوء، وباقي مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية،  ليتم بعد ذلط عزل الأطفال من خلال إقحامهم في المعسكرات المسماة عبثا بالمدارس، حيث يتلقون التدريبات العسكرية التي تشمل أعمال السخرة والعقوبات العسكرية كما يتلقون عن كثب الدعاية الانفصالية القائمة على خطاب الكراهية والتحريض على العنف".

وأوضح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن  أطفال المخيمات ضحايا للتجنيد الإجباري في صفوف ميليشيا الجبهة الانفصالية، ما يسهل عملية تلقينهم لإيديولوجيات متطرفة تجعلهم لقمة سائغة في يد عصابات الجريمة المنظمة، والجماعات المسلحة التي يفسح أمامها المجال للتأطير والعبث داخل المخيمات في ظل غياب الفرص الاقتصادية، والتضييق على النشاط الاقتصادي، ومنع المبادرات الخاصة، وهو ما تضطر معه الأسر إلى السماح لأبنائها بممارسة بعض الأنشطة غير القانونية من قبيل ممارسة التهريب المعيشي، والانخراط في العصابات ومجموعات الجريمة المنظمة التي ترعى مجموعة من الأنشطة غير القانونية مقابل تهريب المحروقات والاتجار في البشر والسلاح ،وغيرها من الأنشطة المرتبطة بالجماعات المسلحة المنتشرة بمنطقة الساحل.

وإلى جانب الانتهاكات الممارسة على الأطفال داخل المخيمات، أوضح محمد سالم عبد الفتاح، في تصريحه لموقع "أحداث أنفو"، امتدادات الاستغلال التي تتجاوز حدود المخيمات، وتحديدا التسفير القهري والقسري الذي يتعرض له الأطفال، حيث يتم فصلهم عن أسرهم تحت ادعاء توفير فرص لهم لمواصلة التمدرس داخل دول أخرى، وقد بدأ مسلسل هذه الترحيلات خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث تم نقل الأطفال نحو ليبيا وكوبا ويوغوسلافيا وغيرها من البلدان الداعمة للانفصال، إلى جانب تسفيرهم نحو اسبانيا وبعض الدول الأوروبية تحت ذريعة ما يسمى برنامج عطل السلام الذي أسس له الحزب الشيوعي سنة 1979 .

وأوضح عبد الفتاح، أن هذا الجيل الأول من الأطفال كان ضحية غسل أدمغة من طرف الأسر المستقبلة ، والتي تنتمي في الغالب لأحزاب راديكالية وتنظيمات متطرفة معادية للمملكة، حيث تم تلقينهم خطاب الكراهية والإيديولوجيات المتطرفة، فضلا عن تلقينهم ممارسات وشعائر دينية مخالفة لنمط التدين المعتدل والمخالف لمعتقدات أسرهم البيولوجية.

جانب آخر من بشاعة الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال المخيمات، ترتبط بتسجيل وقائع تحرش وانتهاكات نجم عنها حالات انتحار بين صفوف المراهقين الذين تم نقلهم نحو اسبانيا وبعض دول أوروبا طلبا للعلاج أو بحثا عن أسر تنتشلهم من الفاقة والفقر، قبل أن يجدوا أنفسهم ضحايا بعد التبني، وأوضح عبد الفتاح أن تسهيل عمليات التبني من طرف الميليشيا  الانفصالية، كان الهدف منها محاولة كسب ود وولاء وتعاطف الأسر الأجنبية كخطوة يعتمدها المعسكر الداعم للانفصال من أجل التأثير على المجتمعات الأوروبية.