شدد وزير العدل "عبد اللطيف وهبي" في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي الرابع للقانون البيئي، التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، على أن القضايا البيئية لم تعد تحتمل التأجيل، داعيا إلى رد الاعتبار للعدالة البيئية باعتبارها "حقا إنسانيا ومسؤولية جماعية".

وقال وزير العدل، في الكلمة التي ألقتها نيابة عنه "ريما لبلايلي" مديرة التعاون والتواصل بوزارة العدل: "نحن هنا لنتحدث عن القانون. لكن لنكن صادقين: خلف كل نص قانوني هناك بشر يدفعون الثمن". وأضاف وهبي أن أكثر من 32 مليون شخص في العالم اضطروا سنة 2022 وحدها إلى النزوح بسبب كوارث مناخية، وهي أرقام تكشف، حسب تعبيره، عن عمق المأساة الإنسانية المرتبطة بتدهور البيئة.

ريادة تشريعية مغربية

وأكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن "المغرب لم يقف على الهامش في هذا المجال، بل اختار منذ عقود أن يضع البيئة ضمن أولوياته"، مستعرضا المسار الذي بدأ من قمة (ريو دي جانيرو) ومرّ عبر المصادقة على الاتفاقيات البيئية الدولية، وتُوّج بترسيخ الحق في بيئة سليمة داخل دستور المملكة.

كما أشار وزير العدل إلى الدينامية المؤسساتية التي تعرفها بلادنا، من خلال هيئات فاعلة كمركز الحسن الثاني الدولي للتكوين في البيئة، ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكلها تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.

بين الالتزام الأخلاقي والضرورة الاستراتيجية

وتعكس كلمة وزير العدل في هذا المحفل الدولي انتقال الخطاب البيئي بالمغرب من الدفاع إلى المبادرة، في لحظة يطغى فيها منطق الطوارئ الاقتصادية والجيوسياسية على أجندة العالم. وفي سياق تشهد فيه الدول النامية ـ لا سيما الإفريقية ـ أشد أوجه التضرر رغم مساهمتها الضئيلة في الانبعاثات العالمية، إذ تأتي هذه الدعوة المغربية بمثابة تحفيز لإعادة النظر في منظومة الإنصاف المناخي العالمي.

وحسب بعض المراقبين فإن "اللافت في خطاب وزير العدل هو المزج بين البعد القانوني والبعد الإنساني، بما يجعل حماية البيئة ليس فقط واجبا سياديا، بل تعبيرا عن التزام أخلاقي تجاه الأجيال القادمة، وتأكيدا على أن أي سياسة بيئية غير عادلة أو غير شاملة، مآلها الفشل".

وفي ختام كلمته، جدد وزير العدل التأكيد على أن المغرب سيواصل العمل في إطار التعاون (جنوب-جنوب)، خصوصا مع الدول الإفريقية، "لتقاسم التجارب وتعزيز القدرات، وبناء منظومة بيئية قانونية منصفة تُعلي كرامة الإنسان وتُحصّن موارد الطبيعة".