أوضح محمد بنعليلو، وسيط المملكة، في كلمة ألقاها بمناسبة حضوره في المؤتمر الدولي المنعقد بأوزبكستان، خلال الفترة الممتدة من 27 إلى 28 فبراير ، أن الممارسات الارتفاقية العامة ذات الصلة بنظام الحماية البيئية وما توفره من آليات لتلبية الحقوق المرتبطة بالبيئة، ما تزال غير واضحة  وغير فعالة بالشكل الكافي.

 

وأضاف بنعليلو أن تعدد المتدخلين في مجال البيئة وتعقد منظومة المراقبة وعدم استقرارها، قد يؤدي في النهاية إلى تفاقم المشاكل بدل الحد منها، موضحا أن طرح موضوع الحقوق البيئية من زاوية "مؤسسات الأمبودسمان"، بما تمثله هذه الأخيرة من استقلالية وحيادية، يشكل تجسيدا واضحا ومعبرا عنه لإرادة حماية هذه الحقوق، بعيدا عن الاعتبارات الإدارية وعن التعقيدات الإجرائية القضائية، وفي منأى عن تأثير التقلبات السياسية وتغيرات السياسات الحكومية.

وطالب وسيط المملكة بتمديد نطاق عمل مؤسسات الأمبودسمان بطرق اجتهادية للدفاع عن مجموعة من الحقوق البيئية المبهمة في كثير من الأحيان بالنسبة للمواطنين، مؤكدا أن الوقت قد حان لبلورة الملامح الأساسية لمهمة حماية الحقوق البيئية في عمل مؤسسات الأمبودسمان، ولتجسيد وظيفتها الأداتية للدفاع عن هذه الحقوق.

 

كما أكد  بنعليلو على أن "الحقوق البيئية" ليست مجرد مسألة هامشية، مشيرا أن قناعة  الحفاظ على الظروف البيئية الأساسية التي تضمن بقاء الأجيال القادمة، وفرض صون الحقوق البيئية الضرورية في الحياة الارتفاقية، يشكل الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب أن يتحملها الأمبودسمان، مشددا على كون المشكلة الحقيقية في الموضوع تتجاوز فكرة المصلحة العامة، إلى وجوب تلافي حالات "تضارب المصالح"، وبالضبط تلك التي تتقاطع فيها المصلحة العامة البيئية مع مصالح عامة أخرى. 

 

 ودعا وسيط المملكة إلى ضرورة التنبه إلى محاولات إغراق الموضوع بمفاهيم عقابية وتضخيم هذه الفكرة في الفهم المجتمعي، بسبب عدم كفايتها من جهة، ولأن تطبيق القانون العقابي البيئي من قبل الإدارة، ما زال استثناءً في المشهد العام من جهة ثانية؛ سيما عندما تجد الإدارة نفسها، تلقائيًا، في وضعية متناقضة إلى حد ما بحكم تعدد مسؤولياتها، مما يفرض نوعا من التساهل الإداري في تطبيق القانون العقابي البيئي، خاصة وأن النظام التعويضي يصبح بلا معنى عندما يكون المتسبب في الضرر البيئي هو الإدارة نفسها. وهو ما يبقي الأمبودسمان في موقع أفضل لرفع تحدي تحقيق التوازن المنشود بين المصالح العامة، والوقوف في مواجهة أي ترجيح غير مرغوب فيه، ولو في مرحلة دراسات التأثير البيئي.

 

وأفاد  وسيط المملكة في كلمته، أن السعي إلى تجاوز النماذج المؤسساتية التي تمتلك فيها الإدارة سلطات واسعة وتدخلات مؤثرة، هو مدخل الانتقال من "الرقابة البيئية الرمزية" إلى "رقابة بيئية عملية فعالة"، وأن "استقلالية" مؤسسات الأمبودسمان كفيلة بجعلها "سلطة بيئية مستقلة"، قادرة على فرض الامتثال للقوانين وتعزيز الحكامة البيئية، وتقييم مدى ملاءمة السياسات العمومية والممارسات الارتفاقية ذات الصلة بالقوانين البيئية، وبالتالي، سلطة تسعى إلى التوجه نحو المستقبل في ضمان الحقوق المرتبطة بها.

 

ولتحقيق هذه الغايات، طالب بنعليلو بضرورة اعتماد المبادئ الدولية للأمبودسمان في قراءة وتنفيذ مجال اختصاصاته، بأبعاد بيئية تساير الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، من خلال الدعوة إلى التحكم في مستوى المرونة المهنية عبر ما أسماه بـ "تنمية التعددية الوظيفية"، باعتبارها مهارة رئيسية لمواكبة التحولات البيئية والحقوق المرتبطة بها.