للمرة الثانية خلال شهرين، ينظم المتقاعدون وقفة احتجاجية أمام البرلمان. يوم السبت الماضي، وقف أكثر من سبعمائة متقاعد ومتقاعدة وذوي الحقوق، أمام المؤسسة التشريعية في الرباط حاملين معهم نفس المطالب التي يرفعونها منذ أكثر من 15 سنة.
فمنذ أكثر من 15 سنة يشتكي المتقاعدون بالمغرب من تجميد مبالغ المعاشات وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الرعاية الصحية وتردي الخدمات العمومية والإقصاء من الحوارات الاجتماعية والحرمان من الزيادات المسطرة من قبل الحكومة والنقابات..
احتجاج نهاية الأسبوع الماضي، كما هو الشأن في الاحتجاجات السابقة، بقي فيه المتقاعدون يخاطبون أنفسهم، دون أن يجدوا محاورا واحدا من المسؤولين. فعلى الرغم من وجود جانب إنساني، يتمثل في سن المحتجين، وأيضا جانب قانوني يفرض الزيادة في أجور ومنح المتقاعدين كلما كانت هناك زيادة في أجور الموظفين، إلا أن لا أحد من المسؤولين في الحكومة تفاعل معهم، وكأن لسان حال الحكومة يقول دعوهم يقفون إلى أن يصيبهم العياء.
لقد رفعت الحكومة شعارا دالا يؤسس للدولة الاجتماعية، غير أن هذا الأمر لا يعني فئة من المواطنين يتجاوزون المليوني شخص يواجهون العوامل الاقتصادية الحالية بمعاناة شديدة. وجدير بالذكر أن من بين دوي الحقوق من يتوصل شهريا بمبلغ لا يتجاوز 500 درهم، فهل هذا الأمر ليس كافيا ليوقظ ضمير المسؤولين؟
لا نتحدث هنا عن فئات لا يعنيها موضوع التقاعد في شيء، على الرغم من أن الأمر يتعلق بالمسنين الذين هم في حاجة إلى الرعاية والعناية.
وموضوع المسنين في المغرب منسي ومهمش ولا أحد يوليه العناية اللازمة. هنا نجد فئتين على الأقل، واحدة من المتقاعدين وأصحاب المعاشات، والثانية متروكة لحالها تعيش بفضل ما تبقى من القيم التقليدية القائمة على التضامن الأسري والعائلي.
بالنسبة للمتقاعدين، فهذه الفئة تجد نفسها في وضع اجتماعي واقتصادي صعب، أمام غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ظروف العيش والمتغيرات السوسيولوجية وغيرها.
لقد رفعت الحكومة شعار الدولة الاجتماعية، واشتغلت على عدة جوانب بخصوصها، وهو موضوع يستحق التنويه في جانبه المتعلق بالفكرة، في انتظار التطبيق، غير أن الدولة الاجتماعية لن تتحقق ما لم تلتفت إلى كل الفئات، ومن بينها فئة المتقاعدين..
لقد احتج المتقاعدون، وراسلوا كل الهيئات المعنية بموضوعهم، من رئيس الحكومة إلى البرلمان بغرفتيه ومؤسسة الوسيط والنقابات والأحزاب.. لكن لحد الساعة ليس هناك تفاعل جدي، اللهم من إثارة الموضوع في البرلمان من طرف فريق برلماني. ومن المفروض أن تتحرك الحكومة في اتجاه إيجاد حل لمطالب فئة مهمة في البلد، ولها في تعامل مجموعة من البلدان مع الموضوع، النموذج الذي يمكن أن تستفيد منه. ومن بين هذه الدول بلدان إفريقية حتى لا نتكلم عن أنظمة دول أوروبية متقدمة...