AHDATH.INFO- الرباط - خاصعوض أن نمنع فيلما سينمائيا لأنه عرى وجها خفيا لنا في المرآة، هناك أشياء أهم بكثير من اللازم منعها الآن لكي تظهر شجاعة وزارة الاتصال والحكومة التي تحوي وزارة هذا الاتصاللنمنع الفقر في البلد، هكذا لن تجد صغيرة مغربية أي مبرر لكي تبيع لحمها لمن يدفع أكثرلنمنع التسول في البلد، هكذا لن تمتد يد ليد، ولن تكون العليا أفضل من السفلى مهما كانلنمنع الرشوة في البلد. سينال كل ذي حق حقه وسيكون الجميع سواسية دونما تفضيل لمن يملك ما يشتري به أصحاب الذمم المتسخةلنمنع الجهل في البلد. لنمنح مواطنينا فرصة التمييز بين الأمور وهم على بينة من أشيائهم كلها يعرفون الصالح والطالح ويعرفون كيفية التمييز بين المسألتين.لنمنع الأمية السياسية تلك التي تسمح لك وإن لم يصوت عليك أي أحد أن تصبح وزيرا رغم ألا علاقة لك بالميدان الذي تسيرهلنمنع فساد السياسة ومنح زعامات الأحزاب لمن لايستحقها وهو لايملك حتى زعامة بيته أو قريته أو قبيلتهلنمنع الغباء في البلد، ولنعط لأهلنا ذكاء يوازي حجم ذكائهم لئلا نصبح دوما من المدافعين بقوة عن البلادة في كل مكانأن تمنع الحكومة أو الجهات المختصة فيلما سينمائيا لم يرقها، هذا ليس إنجازا. هذه علامة عطب كبير في طريقة تفكيرنا الجماعي تدل على أننا نستطيع الإصغاء لأحقر مافينا أي الرغبة في الإخفاء، وأننا نرتعش فور مطالعة الوجه في المرآة ورؤية البثور تملأ السحنة، فنقرر تكسير المرآة عوض أن نذهب إلى أقرب طبيب للأمراض الجلدية لكي يمنحنا الدواء المناسبالخلفي في أمريكا وبنكيران مشغول بجلسة المساءلة الشهرية التي ينبغي أن تغيب عنها السفاهة هاته المرة، والحكومة تفكر فقط في الحفاظ على مناصب كل وزير فيها. البرلمان مشغول بوقفات شباط وتشيكيطو الغريبة من أجل المطالبة بحماية أعراض المغربيات، والشعب لايذهب إلى السينما لكنه يحب كثيرا أن يسبها حين تدهشه بشيء ما غير عادي، وغير مألوفطبقة الأنتلجنسيا الكاذبة تخاف وتخشى. لديها مصالح تريد الحفاظ عليها لذلك لن تتخذ أبدا موقف شجاعا. ستترنح وهي تشرب آخر كؤوسها المعتقة قبل حلول رمضان، وستتحشرج الكلمات في حلقها وهي تقول "واحتى داك عيوش عيق بزاف"ستكون شبيهة بمن قالوا يوما لرسامي "شارلي إىبدو"  : (واحتى هوما زادو فيه)أيها الخائفون، يامن لا تمتلكون شيئا في ملابسكم السفلية تستطيعون الاتكاء عليه: غدا أو بعد غد لن يكون من حقنا أن نتضامن مع أي شيء تعرض للمنع في البلد. نحن اليوم ندشن أولى الخطوات والله سبحانه وتعالى أعلم منا جميعا بالقادماتلم يرقني هذا الفيلم لأنه يتضمن عبارات بذيئة لذلك لنعدم بطلته ومخرجه أو لنمنعه أصلا من العرض في القاعاتأيها السادة، القاعات أصلا لم تعد تصلح للعرض منذ سنوات ضوئية عديدة. اليوم يشاهد الناس الأفلام في هواتفهم النقالةإذا كنتم تعرفون ذلك ورغم ذلك منعتم، فتلك مصيبة، وإذا لم تكونوا على علم بهذا التقدم التكنولوجي البسيط فالمصيبة أعظم.دمتم هكذا دون تغيير ودون زيادة أو نقصان، ودامت لنا رحابة الهروب كل مرة إلى فسحات الأمل المعلقة في الفضائيات وفي التكنولوجيا الحديثةالحمد لله على نعمة العلم والعقل والتقدم، وطبعا لكم حقكم الكامل أن تحمدوا ربكم على نعمة الجهل فهي أيضا مريحة للعديدين. ألم يقلها لكم أبو الطيب يوما "ذو العقل يشقى"؟بلى قالها ولم يكن قد علم بعد أن السينما سيخترعها أخوان يحملان من الإسم إسم الضياء في يوم من الأيام أيها المظلمون...

بقلم: سليمة العلوي