ثقافة وفن

المغرب: الاستقرار المستهدف

أسامة خيي الخميس 02 يوليو 2015
المغرب: الاستقرار المستهدف
المغرب

AHDATH.INFO - الرباط - بقلم: رشيد قنجاع

لا مجال للشك لدي أن مجمع الاحداث التي يعرفها المجتمع المغربي خلال الشهور الاخيرة و التي يكون من وراءها المواطن المغربي بوعي أو بدون وعي، تستهدف في العمق و بشكل منهجي دقيق، تغديه قوى داخلية و خارجية متربصة، تستهدف بالأساس استقرار المغرب و تعدد المغرب و هوية المغرب الغنية .

لقد تزامن و بشكل مخطط له ، بشكل عالم بكيفية العلاقة المتينة التي تربط الاحداث المتفرقة في محيطنا العربي و المتوسطي مع المستوى السريع و المتطور  لتكنولوجية المعلوميات و فضاءات التواصل الاجتماعية، بحيث يكون للأحداث الواقعة و المزلزلة خيط ناظم واحد، و هو ما يمكن فهمه من تزامن الاحداث الدموية الارهابية في كل من تونس و الكويت و فرنسا و من بعدها مصر.

لقد تزامن ما وقع للفتاتين بإنزكان ،و تعليق لافتة على شاطئ أنزا تمنع المصطفات من ارتداء البيكيني، مع الحدث الارهابي البارز في تونس و الذي كان ضحيته العديد من السياح الأجانب و هو تزامن ليس برئ بل تزامن مدروس و مخدوم بشكل احترافي على مستوى المواقع الالكترونية و فضاءات التواصل الاجتماعية بحيث يكون اكثر انتشارا و بكل لغات الدنيا، موجه بالأساس لضرب السياحة الوطنية (الكل يعلم مكانة أكادير و محيطها في السياحة الوطنية) ، من خلال تبليغ الرسالة مباشرة للسائح في عقر داره ، تضعه في لبس واضح وربط مباشر بين ما وقع في تونس و ما هو جاري في المغرب.

إن العقلية الارهابية و الظلامية رغبة منها في تحقيق مآربها التخريبية تنتهج اسلوب التراكم و التدرج التصاعدي،  بحيث يمكن ملاحظة ذلك من خلال استغلال فيلم "الزين اللي فيك" بتحوير النقاش فيه من نقاش يتناول انتقاد تركيبات العمل السينمائي المطبقة فيه في تناولها لموضوعه، و تقييم مدى نجاح المخرج أو فشله، إلى استهداف بشكل خاص عينة من السياح لن ينكر أحد أنها تشكل مجال تنافس دولي على استقطابها سياحيا، بالاضافة إلى استهداف مدينة تاريخية عريقة و جميلة مدينة مراكش و من خلالها المغرب و صورته الدولية.

إن إدراج و إقحام السوقة و الرعاع في كل هذا الاستهداف ، ليس من وليد الصدفة ، و للمتبع الوقوف على معطى أساسي أن الغالبية من من التحقوا بداعش هم من الفقراء و ممن لهم مستوى دراسي محدود جدا و ممن لهم سوابق جنائية، و بالتالي يتحولون بين عشية و ضحاها إلى مجرمين قتلة دمويين بشكل دراكولي.

قلت أن اقحام المواطن العادي و من خلفه السلفي في ضرب و الاعتداء على مواطن مغربي بمدينة فاس تحت ذريعة أنه مثلي ، وفي هذا التوقيت بالضبط و باختيار مدينة فاس بالتمام و الكمال ، و كأن المثلية ليس ظاهرة في كل بقاع الدنيا، يضعني أمام التساؤل الواضح لماذا أكادير و فاس و مراكش، و في خضم هذه الموجة استهداف الرباط من خلال مهرجان موازين عبر خلق ضوضاء و بلبلة كلامية ممولة ظلاميا ترمي إلى إلغاء هذا المهرجان و لما لا تحويله إلى مهرجان للبخور و عرق السوس و ترويج العلاج ببول البعير.

الجواب واضح "وضوح الشمس في نهار جميل"، قتل السياحة الوطنية و تشويه صورة المغرب و إظهاره بمظهر الدولة العاجزة على حماية المواطنين المغاربة و السياح الاجانب، تمهيدا لما هو قادم و كأننا على أبواب دولة البغدادي، و هي صورة يمكن فبركتها و اللعب على أوتارها ما دمنا نرى مؤسسات الدولة متقاعسة في أداء دورها الوظيفي ، تاركة المجال للمواطنين القاصرين و المهيجين سواء بعملية غسل الدماغ بالفكر الارهابي أو من خلال الاقراص الملهوسة الوافدة علينا من كل ثغرات الحدود المغربية ، يتقمصون أدوارا لم نعهدها ، و لكنها موجودة في دول التخلف ،دور الآمرين بالمعروف و الناهين على المنكر .

إن الفشل في خلق الفتنة و تحويل المغرب إلى دولة للتظاهر الفوضوي عبر تسريب امتحانات الباكالوريا و هو تسريب يجب النظر إليه جيدا سواء على مستوى توقيت التسريب المتزامن مع الموسم الصيفي و سواء على العينة و الشريحة الاجتماعية المستهدفة التي لا يمكن بأية حال إيقاف غليانها في حالة خروجها إلا عبر اصطدامها مع الدولة و هو اصطدام لن يكون إلا تكرارا لأحداث 65 .

الطائر لا يجد ملاذه في الطيران ، لأن الطيران بالنسبة له هو عملية البحث عن لقمة الخبز له و لأبنائه ، و هي عملية ليست سالمة غانمة دائما بل هي محفوفة بمخاطر القنص البشري و الاحتكام إلى منطق السلسلة الغذائية. الطائر يجد مكانه عندما يكون يغني على غصن شجرة قريب من عشه و من فراخه، إنها لحظة الاستقرار لديه.